للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ببعض الطّريق أمر عبّاسا ليتبعه فيحبسه على الطّريق ليمرّ به كتائب العسكر، فلمّا لحقه العبّاس خافه أبو سفيان على نفسه وقال: أغدرا يا بني هاشم، قال: كلاّ ولكن أبصر كتائبنا (١)، وكان كلّما مرّ عليه كتيبة قال: أفي هؤلاء محمّد؟ وكان عبّاس يقول: لا هؤلاء بنو فلان وهؤلاء بنو فلان حتى مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كالبدر المنير تحت المغفر في ثلاثة آلاف فارس من الأنصار متكفرين بالسّلاح. وأسلم أبو سفيان، فقال عبّاس: يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل (٢) يحبّ الصيّت فاجعل له شيئا يفتخر به، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.

وانصرف أبو سفيان إلى مكّة ونادى: من دخل داري فهو آمن، فقامت إليه امرأته هند وأخذت بسباله (٣) وقالت: اقتلوا هذا الخبيث، فضربوه ضربا شديدا (٤).

وكان خالد بن الوليد على الميمنة فاستقبله جمع من المشركين وعليهم حماس (٥) بن قيس ومقيس بن ضبابة وعكرمة بن أبي جهل فقاتلهم خالد حتى هزمهم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد نهاه عن ذلك، فلمّا (٦) علم بذلك قال: عسى أن يكون خيرا. وروى ابن (٧) إسحق أنّهم قتلوا من المسلمين كرز بن جابر وحنش بن خالد، وأصيب من مزينة سلمة بن الميلاء، وأصيب من المشركين قريب من اثني عشر أو ثلاثة عشر، ثمّ هزموا (٨).

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّي أعوذ من صنيع خالد) لم يكن في هذا اليوم وإنّما كان من (٩) قبله.

وجمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأنصار حواليه يوم فتح مكّة ثمّ أمرهم بأن (١٠) يحضروا أوباش قريش، قال أبو هريرة: وما كنّا إلا قادرين على قتل (١١) من نشاء أن نقتله، فجاء أبو سفيان وقال: يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد هذا اليوم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من أغلق بابه على نفسه فهو آمن (١٢)، واستثنى أربعة من المشركين وأمر بقتلهم (١٣).

وأجارت أمّ هانئ رجلين من مخزوم، فأراد أخوها عليّ بن أبي طالب أن


(١) في ب: كاهنا، وهو خطأ.
(٢) ساقطة من ك.
(٣) أي: بمقدّم لحيته، ينظر: لسان العرب ١١/ ٣٢١ - ٣٢٢ (سبل).
(٤) ينظر: السيرة النبوية ٤/ ٨٥٩ - ٨٦٤.
(٥) في ب: أحماس.
(٦) في ع: فلم.
(٧) في ك: أبو.
(٨) ينظر: السيرة النبوية ٤/ ٨٦٥ - ٨٦٧.
(٩) ساقطة من ك. وينظر: الديات ٥٠، والسنن الكبرى للنسائي ٣/ ٤٧٤، وصحيح ابن حبان ١١/ ٥٣.
(١٠) في ك: أن.
(١١) في ك وب: قتله، والهاء مقحمة.
(١٢) ينظر: صحيح مسلم ٤/ ١٤٠٧، وصحيح ابن حبان ١١/ ٧٤ - ٧٥.
(١٣) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة ٧/ ٤٠٢، وشرح معاني الآثار ٣/ ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>