للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِنْ يَتُوبُوا:} تطميع لهم في التّوبة، قيل: لمّا سمع الجلاس هذه الآية قام وتاب إلى الله ورسوله، فاستغفر له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (١).

٧٥ - {وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ:} جاء ثعلبة بن حاطب الأنصاريّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا، قال: ويحك يا ثعلبة قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه، قال: ثمّ رجع إليه فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني (٢) مالا، فقال: ويحك يا ثعلبة أما ترضى (٣) أن تكون مثل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والله لو سألت الله (٤) أن يسيل عليّ الجبال ذهبا لسالت، ثمّ رجع وقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني (٥) مالا والله لئن آتاني الله مالا لأوتينّ كلّ ذي حقّ حقّه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اللهمّ ارزق ثعلبة مالا، فاتّخذ (٦) غنما فنمت حتى ضاق بها أزقّة المدينة، فتنحّى بها، فكان يشهد الصّلوات مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خرج إليها، ثمّ نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة، فتنحّى بها، وكان يشهد الجمع مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ خرج إليها، ثمّ نمت فاشتغل بها وترك الجمع والجماعات (٧)، وجعل يتلقّى الرّكبان فقال: ما وراءكم من الخبر وما كان من أمر النّاس، فأنزل الله على رسوله: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها} [التّوبة:١٠٣]، قال: واستعمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الصّدقات رجلين رجلا من الأنصار ورجلا من بني سليم، (١٤٦ و) وكتب لهما (٨) الصّدقة وأسبابهما، وأمرهما أن يصدّقا النّاس وأن يمرّا بثعلبة فيأخذا من صدقة (٩) ماله، ففعلا حتى دفعا إلى ثعلبة، فقال: صدّقا النّاس فإذا فرغتما فمرّا بي، ففعلا، فقال ثعلبة: ما أرى هذه إلاّ أخيّة الجزية انطلقا حتى ألقى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم: {وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ} فركب رجل من الأنصار، ابن عمّ ثعلبة، راحلة حتى أتى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة هلكت فأنزل الله فيك من القرآن كذا، فأقبل ثعلبة قد وضع على رأسه التّراب وهو يبكي ويقول: يا رسول الله، فلم يقبل (١٠) منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صدقته حتى قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ أتى أبا (١١) بكر فقال: يا أبا


(١) ينظر: تفسير البغوي ٢/ ٣١١ - ٣١٢، والكشاف ٢/ ٢٩١، والتفسير الكبير ١٦/ ١٣٦ و ١٣٧.
(٢) بعدها في الأصل وب: الله.
(٣) في ب: ألم ترض، بدل (أما ترضى).
(٤) ليس في ع.
(٥) بعدها في الأصل وع وب: الله.
(٦) النسخ الثلاث: فاتخذت، والتاء مقحمة.
(٧) في ك: والجماعة.
(٨) في ب: لهم.
(٩) في ع: صدقات.
(١٠) في ب: يقبض.
(١١) في ك: أبي، و (أبا) ساقطة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>