ومن جهتهما.
والمتشابه من جهة اللفظ ضربان:
أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة، إما من جهة الغرابة نحو (الأبّ) و (يزفون)، أو الاشتراك: كاليد والعين.
وثانيهما: يرجع إلى جملة الكلام المركب، وذلك على ثلاثة أضرب: ضرب لاخصار الكلام، نحو {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ} [النساء:٣]، وضرب لبسطه، نحو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] كان أظهر للسامع، وضرب لنظم الكلام، نحو {أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً} [الكهف:١ - ٢] تقديره: أنزل على عبده الكتاب قيّما ولم يجعل له عوجا.
والمتشابه من جهة المعنى: أوصاف الله تعالى، وأوصاف القيامة، فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسّه، أو لم يكن من جنس ما نحسّه.
والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب:
الأول: من جهة الكمية كالعموم والخصوص، نحو {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:٥].
والثاني: من جهة الكيفية، كالوجوب والندب، نحو {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} [النساء:٣].
والثالث: من جهة الزمان، كالناسخ والمنسوخ، نحو {اِتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ} [آل عمران:١٠٢].
والرابع: من جهة المكان، والأمور التي نزلت فيها، نحو {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها} [البقرة:١٨٩]، {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة:٣٧]، فإن من لا يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية.
والخامس: من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد كشرط الصلاة والنكاح».
وقد قسم المؤلف رحمه الله تعالى آيات القرآن الكريم إلى نوعين هما: المحكم والمتشابه، وذلك كما جاء في تفسيره قول الله تعالى: {يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ} [البقرة:٢٠] إذ يقول: «وتقرير مثل المنافقين من أصحاب الصّيّب من حيث إنّ القرآن نازل عليهم من نحو السماء كالصيّب، وفيه متشابهات ومحكمات» (١).
ويذكر المؤلف رحمه الله تعالى أن إحدى فوائد نزول المتشابه هو الابتلاء.
ويسأل سؤالا: هل يجب الإيمان بغير المعلوم؟ يقول مجيبا على هذا السؤال: نعم للإعجاز الحاصل بالنّظم المعلوم ووقوع بأن معناه موافق للمحكم المعلوم وفي معناه.
(١) الأصل (٤ و).