للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يذكر الرأي الذي يذهب إليه، والرأي المناقض له، وينتصر للرأي الذي يتبناه، فمثلا عند تفسيره قول الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاِرْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ} (٤٣) [البقرة:٤٣]، يقول: «وفي الآية دليل أنّ الكفّار مخاطبون بالشرائع بشرط تقديم الإيمان، وإليه ذهب كثير من أصحابنا، فإن قيل: لو كانوا مخاطبين لما سقط القضاء عنهم كالمسلمين، قلنا:

القضاء فرض مبتدأ لا يتبع المقضيّ كفوت الجمعة وفوت صلاة الحائض لا إلى قضاء» (١).

٣ - يذكر رأي مذهبه فقط من غير أن يذكر رأيا مخالفا لهذا الرأي:

فمثلا عند حديثه عن صيد البر في قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ} [المائدة:٩٦]، يقول: «كلّ ما كان جنسه متوحّشا مأكول اللّحم أو غيره، قال صلّى الله عليه وسلّم: «خمس يقتلن في الحلّ والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والحيّة والكلب العقور»، حصره بعدد، ويلحق غيرها بها حالة وجود العدوان، ثمّ جزاء السبع قيمة لحمه عندنا لا قيمة إمساكه للتّفاخر كما في الجارية المغنية». (٢) وفي هذا المثال ذكر فقط المذهب الذي تبناه فقال: عندنا، ولم يذكر رأي مذهب آخر مخالف.

٤ - ونجده أحيانا قليلة يتحدث عن بعض الأمور المتعلقة بأصول الفقه، ويشير إليه إشارة، فيعرّف فرض الكفاية في معرض حديثه عن الأمر بأنه فرض كفاية، فيقول: «إذا قام به البعض، وحصل المعروف، وزال المنكر سقط الفرض عن الباقين» (٣) وذلك في معرض تفسيره لقول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١٠٤) [آل عمران:١٠٤].

وعند تفسيره قول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ} [المائدة:١٠١]، بين أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا بقرينة، معللا ذلك بإنكار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سؤال الأعرابي له: أفي كل عام يا رسول الله؟ بقوله: «لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت لكفرتم». (٤)

وعند حديثه عن قول الله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:١١٥]، يبيّن أن إجماع هذه الأمة حجة، ويستدل على ذلك بقول الله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ} [البقرة:١٤٣]، وقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «لا تجتمع أمتي على الضلالة» (٥)، وكذلك يستدل على حجية الإجماع في تفسيره قول الله تعالى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (١٨١)


(١) الأصل (١١ و).
(٢) الأصل (٩٩ و).
(٣) الأصل (٧١ و).
(٤) الأصل (٩٩ ظ).
(٥) الأصل (٨٧ ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>