للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصّا عليه الرؤيا. قيل: إنّ الساقي قال: إنّي أرى وأنا (١) في بستان، فإذا أنا بأصل حبلة (٢) عليها ثلاث عناقيد عنب، فقطعتها، وكان كأس الملك بيدي، فعصرتها فيها، وسقيتها (٣) الملك، فشربه، فقال يوسف: نعم ما رأيت، أما العناقيد الثلاث، فإنّها ثلاثة أيّام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك اليوم الرابع، وتعود إلى ما كنت عليه. فقال الخبّاز: إنّي أراني وفوق رأسي ثلاث سلال في أعلاها الأطعمة، وإذا سباع الطير تقع (٤) عليها، فتأكل منها. قال يوسف: أما السلال الثلاث، فثلاثة أيّام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك، فيصلبك، فتأكل الطير من رأسك، فقال: إنّي لم أر شيئا، وإنّما كنت ألعب، فقال يوسف: إن رأيتما رؤياكما، أو لم ترياها (٥)، فقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. (٦)

و (العصر): استخراج المائع من الشيء بالغمز، وإنّما سمي العنب خمرا لأنّه يؤول إليها.

{مِنَ الْمُحْسِنِينَ:} لعلم التعبير.

٣٧ - وقول يوسف: {لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ. . .} الآية، ليس بجواب عن سؤالهما، ولكنّه دعوة نبوّته، وإظهار المعجزة، فإنّ ذلك عند وجود الفرصة كان أوجب عليه، وأهمّ عنده من تعبير الرؤيا، فلذلك ابتدأ به. (٧)

{بِتَأْوِيلِهِ:} الضمير عائد إلى ما رأياه وسألاه. (٨) وقيل: إلى الطعام. (٩) فإن أخذنا بالقول الأوّل، ففائدته سرعة الجواب، وذلك لا يكون إلا بوحي إلهي، فإنّ المستنبط يحتاج إلى تأمّل واستخراج، وإن أخذنا بالقول الثاني، فهو كقول عيسى عليه السّلام: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ} (١٠) [آل عمران:٤٩]، في محلّ الرفع (١٦٦ ظ) لإسناد الإتيان إليه، أو للابتداء وخبره.

ثم أخبر أنّ المعجزة النبوية مختصة بأولياء الله لا يؤتيها الكاذبين؛ لئلا يلتبس النبيّ بالمتنبي،


(١) ع: أني.
(٢) الحبلة: بفتح الحاء والباء وربما سكّنت، الأصل أو القضيب من شجر الأعناب. النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٣٣٤، وينظر: الفائق ١/ ٢٥٤.
(٣) أ: فسقيت.
(٤) ع: تأكل.
(٥) ع: تراها.
(٦) ينظر: قصص الأنبياء ١٠٨، حاشية زادة ٥/ ٣٤، وفتح البيان ٦/ ٣٣٣، وفتح القدير ٣/ ٣٦.
(٧) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ١١٠.
(٨) ينظر: تفسير البيضاوي ٣/ ١٦٣.
(٩) ينظر: تفسير الطبري ٧/ ٢١٥، وتفسير الوسيط ٢/ ٦١٣، والمحرر الوجيز ٧/ ٥٠٩، وتفسير الخازن ٢/ ٥٢٨.
(١٠) ك: زيادة قوله: فِي بُيُوتِكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>