للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥ - {وَاِسْتَفْتَحُوا:} أي: الأنبياء عليهم السّلام، كقوله (١): {رَبَّنَا اِفْتَحْ بَيْنَنا} [الأعراف:٨٩]، وقوله: {مَتى نَصْرُ اللهِ} [البقرة:٢١٤]، وقول موسى: {رَبَّنَا اِطْمِسْ} [يونس:٨٨]، وقول لوط: {رَبِّ اُنْصُرْنِي} [العنكبوت:٣٠]، وإليه ذهب مجاهد (٢)، وقتادة. (٣)

وعن ابن عباس، ومقاتل: استفتاح الكفّار، كقوله: {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ} [يونس:٤٨]، {فَأْتِ بِآيَةٍ} (٤) [الشعراء:١٥٤]، {فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم:١٠]. (٥)

١٦ - {مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ:} أي: هو على شفا حفرة (٦) (١٧٥ ظ) منها، ومآله إليها.

{مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ:} ممتزج من القيح والدّم، ووصف الماء به لمعنيين: التشبيه أنّه ما أنتن وتكدّر بالإحماء (٧) والغلي، والعرب تسمّي الماء الحارّ بالشمس: صديدا، والثاني: اعتبار حقيقة العنصر، فإنّ اسم الماء يشتمل على جنس المياهات بهذا (٨) الاعتبار، ألا ترى سمّوا النطفة ماء؟

١٧ - {يَتَجَرَّعُهُ:} يتكلّف الشرب قليلا قليلا، جرعة جرعة.

{وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ:} يستوخمه (٩) المتجرع، ولا يكاد يستمريه للتضاد، وعدم الإيجاد، ثمّ تقبله الطبيعة قهرا لعجزها (١٠) عن دفعه، فيفسد المزاج، ولا علاج.

{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ:} أي: تعرض له أسباب الموت من كلّ جهة، وفي كلّ عضو وعرق، ولا يموت لوجوب الخلود في النار ذات الوقود.

{مِنْ وَرائِهِ:} سوى هذا العذاب {عَذابٌ غَلِيظٌ.}

١٨ - {مَثَلُ الَّذِينَ:} أي: هذا مثل الذين كفروا على سبيل ترجمة، والفصل في الكتاب، كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد:٣٥]. وقيل: إنه مبتدأ، وقوله: {أَعْمالُهُمْ} خبره بإضمار أنّ أعمالهم الحسنة التي وقعت لا لوجه الله. (١١)


(١) ع: كقولهم.
(٢) ينظر: تفسير مجاهد ٣٣٤.
(٣) ينظر: تفسير الصنعاني ٢/ ٣٤١، ومعاني القرآن للنحاس ٣/ ٥٢١.
(٤) الأصل وك وأ: فأت، وفي ع: به.
(٥) ينظر: تفسير الطبري ٧/ ٤٢٨، وتفسير القرطبي ٢/ ٢٧، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٢٧ عن عبد الرحمن بن زيد.
(٦) (هو على شفا حفرة)، ساقطة من أ.
(٧) أ: بالأحجار.
(٨) ك: هذه.
(٩) أي: يستثقله، ينظر: المجموع المغيث ٣/ ٣٩٦، والصحاح ٥/ ٢٠٤٩، ولسان العرب ١٢/ ٦٣١.
(١٠) ك: لمعجزها.
(١١) ينظر: التبيان في إعراب القرآن ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>