للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلًا} فهو أثبت أثرًا في النفس مع سكون الليل وهدأة الخلق، حيث تخلو من شواغلها وتفرغ للذكر والمناجاة بعيدًا عن علائق الدنيا وشواغل النهار. وبذلك يتحقق الاستعداد اللازم لتلقى الوحي الإلهي {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} والقول الثقيل هو القرآن الكريم، وقد ظهر أثر هذا الإعداد الدقيق للمسلمين الأوائل في قدرتهم على تحمل أعباء الجهاد وإنشاء الدولة بالمدينة، وفي إخلاصهم العميق للإسلام وتضحيتهم من أجل تطبيقه في واقع الحياة ونشره بين العالمين.

[لجوء قريش إلى المفاوضات]

وقد لجأت قريش إلى مفاوضة أبي طالب عم الرسول ليكفه عن دعوته.

قال عقيل بن أبي طالب -وهو شاهد عيان مشارك في الحدث: "جاءت قريش إلى أبي طالب، فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا. فقال: يا عقيل، انطلق فائتني بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فانطلقت إليه، فاستخرجته من كبسيٍ (١) -بيت صغير- فجاء به في الظهيرة في شدة الحر، فجعل يطلب الفيء يمشي فيه من شدة الحر الرحض. فلما أتاهم قال أبو طالب: إن بني عمك هؤلاء قد زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم فانته عن أذاهم. فحلَّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببصره إلى السماء فقال: أترون هذه الشمس؟ قالوا: نعم. قال: فما أنا بأقدر على أن أدع ذلك منكم على أن تستشعلوا منها شعلة.

فقال أبو طالب: والله ما كذبنا ابن أخي فارجعوا (٢).

وقد اشتد الضغط على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه بعد فشل هذه المفاوضات.


(١) في الأصل "خيسي" وصوبته من النهاية ٤/ ١٤٣.
(٢) ابن إسحاق: السير والمغازي ١٥٥ من زيادات يونس بن بكير عليه وليونس متابع ثقة هو عبد الواحد بن زياد عند الحاكم: المستدرك ٣/ ٥٧٧ وقد صحح الألباني الحديث (السلسلة الصحيحة ١/ ١٤٧).
وقارن برواية ابن إسحاق: السير والمغازي ١٥٤ بإسناد معضل (الألباني: السلسلة الضعيفة ٢/ ٣١١ لأن يعقوب بن عتبة من أتباع التابعين وقد أرسله).

<<  <  ج: ص:  >  >>