تقع مكة في بطن واد، وتشرف عليها الجبال من جميع النواحي فإلى الشرق يمتد جبل أبو قبيس وإلى الغرب يحدها جبل قعيقعان. ويمتدان بشكل هلال فيحصران عمران مكة وتعرف المنطقة المنخفضة من الوادي بالبطحاء ويقع بها البيت العتيق، وتحيط بها دور قريش، أما المنطقة المرتفعة فتعرف بالمعلاة، أما عند طرفي الهلال فتقوم دور ساذجة لقريش الظواهر وهم أعراب فقراء أصحاب قتال، لكنهم دون قريش البطاح في التحضر والغنى والجاه. وكانت صلات النسب بين قريش وكنانة - حيث أن قريشا تنتمي إلى كنانة - التي تسكن قريباً من مكة، تعطي مكة عمقاً استراتيجياً، وقد وثقت صلة النسب بالمحالفات أيضاً، وكان الأحابيش الذين يعيشون قريباً من مكة حلفاء لقريش أيضاً، وكانوا يستخدمون في حراسة القوافل المكية. وامتدت الأحلاف لتشمل القبائل التي تقع على خطوط التجارة المكية إلى الشام والعراق واليمن، وكانت قريش تدفع لهم جعالات معينة وتشرك زعماءهم في تجارتها وسمى هذا بـ (الإيلاف) الذي أوجده هاشم بن عبد مناف. بل تمكن هاشم بن عبد مناف من الحصول على حق التجارة داخل أراضي الروم والفرس بالاتفاق مع حكامهم، وعقد المعاهدات معهم، وسلوك مسلك الحياد بين القوتين، فارس والروم. واقتصاد مكة يقوم أساساً على التجارة أما الصناعة فكانت قليلة أبرزها صناعة الأسلحة من رماح وسيوف ودروع ونبال وسكاكين ثم صناعة الفخار والنجارة لصناعة الأسرة والأرائك، كما أن الموارد الاقتصادية الأخرى مثل تربية الماشية والصيد كانت معروفة، ولكن بقيت التجارة أساساً لاقتصاد مكة فكانت سياسية الإيلاف
(١) لخصت هذه النبذة من الجزء الرابع من كتاب (المفصل في تاريخ العرب) للدكتور جواد علي ومن كتاب (مكة عصر ما قبل الإسلام) للسيد أحمد أبو الفضل عوض الله، مطبوعات دار الملك عبد العزيز - ١٤٠١ هـ (١٩٨١ م).