للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عمرة القضاء]

وفي ذي القعدة في السنة السابعة من الهجرة خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة قاصدا العمرة، كما اتفق مع قريش في صلح الحديبية (١)، حيث اشترطوا "ألا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب، وألا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وألا يمنع من أصحابه أحدا إن أراد أن يقيم بها" (٢) وقاضاهم أن يقيم بمكة ثلاثة أيام ثم يخرج عنها (٣). وقد ذكر موسى بن عقبة أن المسلمين صحبوا معهم أسلحتهم خشية من غدر قريش، وأنهم أبقوها خارج الحر (٤). وقد بلغ عدد من شهد عمرة القضاء ألفين سوى النساء والصبيان فيهم الذين شهدوا الحديبية (٥)، ولما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم مكة كان عبد الله بن رواحة يمشي بين يديه وينشد:

خلوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله

ضربًا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله (٦)

وطاف المسلمون بالكعبة وأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يُظهروا القوة والجَلَد في طوافهم، لأن قريشا أشاعت أنهم ضعفاء "قد وهنتهم حمى يثرب" فأرملوا وسارعوا بالعدو في الأشواط الثلاثة الأولى (٧)، وكانت قريش قد تركت مكة إلى جبل قعيقعان تنظر إليهم يطوفون (٨) ويتعجبون من قوتهم، وقعيقعان يواجه ما بين الركنين من الكعبة.


(١) ابن حزم: جوامع السيرة ٢١٩، وهو قول ابن إسحق وموسى بن عقبة ويعقوب بن سفيان بسند حسن عن ابن عمر (فتح الباري ٧/ ٥٠٠).
(٢) رواه البخاري (فتح الباري ٧/ ٤٤٩)
(٣) رواه البخاري (فتح الباري ٤٤٩)
(٤) فتح الباري ٧/ ٤٤٩ - ٥٠٠ ولم يسند موسى بن عقبة الخبر.
(٥) ذكره الحاكم في الأكليل دون إسناد (فتح الباري ٧/ ٥٠٠)
(٦) الترمذي وقال: حديث حسن غريب (فتح الباري ١/ ٥٠٢).
(٧) و (٨) رواه البخاري (فتح الباري ٧/ ٥٠٨ - ٥٠٩) وانظر مسند أحمد رقم ٣٥٣٦ (من ط أحمد شاكر) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>