للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فما أصابت رجلًا منهم حصاة إلا قد قتل يوم بدر كافرًا (١). وهذه الحادثة قد تكررت ليلة الهجرة وكان رسول الله يذكر ما لاقاه من أذى قريش -قبل أن ينال الأذى أحدًا من أتباعه- يقول: "لقد أُخفتُ في الله عز وجل وما يُخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذي أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة ومالي ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال (٢).

[اضطهاد قريش للمسلمين]

لم يقتصر أذى قريش على الاتهام الباطل، والتكذيب السافر والسخرية المرة، والأذى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بل تصاعد إلى ذروة العنف وخاصة في معاملة المستضعفين من المسلمين. فنكلت بهم لتفتنهم عن دينهم، ولتجعلهم عبرة لسواهم، ولتنفس عن غضبها بما تصبه عليهم من العذاب.

قال عبد الله بن مسعود -وهو شاهد عيان-: "أول من أظهر إسلامه سبعة، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر، وعمار، وأمه سُميّة، وصهيب، وبلال، والمقداد.

فأما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنعه الله بعمه أبي طالب. وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه.

وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال، فإنه هانت عليه


(١) مسند أحمد ١/ ٣٠٣، ٣٦٨ بإسنادين صحيحين كما قال أحمد شاكر في حاشية مسند أحمد ٤/ ٢٦٩، ٥/ ١٦٣ وانظر مستدرك الحاكم ٣/ ١٥٧.
(٢) مسند أحمد ٣/ ٢٨٦ وسنن الترمذي ٤/ ٦٤٥ وقال: هذا حديث حسن غريب، وفي تحفة الأشراف ١/ ١٢٣ وتحفة الأحوذي ٣/ ٣٠٩ قال: حسن صحيح. وصححه الألباني: صحيح الجامع ٥٠٠١ ومشكاة المصابيح ٣/ ١٤٤٦.
وأما حديثه -صلى الله عليه وسلم- مع وفد ثقيف عن أذى قريش له في مسند أحمد ٤/ ٣٤٣ فإسناده ضعيف فيه عثمان بن عبد الله بن أوس انفرد ابن حبان بتوثيقه وقال ابن حجر: مقبول (تقريب ٣٨٤) وفيه عبد الله بن عبد الطائفي فيه ضعف ويعتبر بحديثه (تهذيب التهذيب ٥/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>