للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيل عصر السيرة

فضل الصحابة ووجوب محبتهم وموالاتهم

ما هي خصائص الجيل الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم فأقام دولة الإسلام، وخاض غمرات الجهاد ونشر دعوة الإسلام في الآفاق، وصار من أعظم الأدلة على نجاح التربية المحمدية، فإنه لم يسبق لنبي أن ربَّى جيلاً بكامله، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلنتعرف على هذا الجيل من خلال الكتاب والسنة والواقع التاريخي.

صفة الصحابة في القرآن والسنة:

قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (١).

هكذا يصف القرآن محمداً وصحبه، ذلك الجيل المثالي الذي حقق مستوى سامقاً في الارتقاء الروحي والخلقي، فصقلته العبادة وكساه الركوع والسجود نوراً وبهاءا، وحددت العقيدة مفاهيمه وقيمه وولاءه وبراءه {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} يوالون بعضهم ويحادون من سواهم {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}. ذلك الجيل الذي خلدته كتبُ السماء فوصفته التوراة والإنجيل والقرآن بهذا الوصف الرائع، ممثلةً امتداد قيمه وانتشار عقيدته وكثرة أنصاره وقوة وجوده واستمساك أمره بالزرع الذي يتفرع وينتشر ويزداد ويشتد ساقه، يعجب أهله الذين غرسوه ويغيظ الأعداء، وقد ذُكر عند الإمام مالك بن أنس رجل


(١) الفتح:٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>