للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لجوء المشركين إلى المطالبة بالمعجزات لإثبات النبوة]

أخذ عناد المشركين يقوى ولجاجتهم تشتد، وقد أرادوا إخراج الرسول وتحديه بمطالبته بالإتيان بمعجزات تثبت نبوته.

قال عبد الله بن عباس: "قالت قريش للنبي: ادعُ لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم. قال: فدعا فأتاه جبريل فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبًا. فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين، وإن شئت لهم باب التوبة والرحمة؟

قال: بل باب التوبة والرحمة" (١).

قال ابن عباس: "فأنزل الله عز وجل هذه الآية {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً} (٢) " (٣).

فكما أن معجزة هود لم تنفع في جلبِ ثمود إلى الإيمان، فإن المشركين من قريش لن تنفعهم قياسًا على ما وقع من عِبَر التاريخ الغابرة.

ولكن أمام إلحاح المشركين وعنادهم استجاب لهم -وقد سألوه آية- فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا جبل حراء بينهما (٤).


(١) مسند أحمد ١/ ٢٤٢، ٣٤٥ وكشف الأستار ٣/ ٥٥ مستدرك الحاكم ١/ ٥٣ - ٥٤ وقال: "هذا حديث صحيح محفوظ من حديث الثوري عن سلمة بن كهيل". والطبراني: المعجم الكبير ١٢/ ١٥٢ قال الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" (مجمع الزوائد ٧/ ٥٠).
وقال ابن كثير: إسناده جيد (السيرة النبوية ١/ ٣٦٢) وللحديث سند آخر عن ابن عباس (مسند أحمد ١/ ٢٥٨) وفيه تدليس الأعمش لكنه يعتضد بالطريق الأول، لذلك صححه الحاكم والذهبي (المستدرك ٢/ ٣٦٢ والسيرة النبوية للذهبي ١٣٥ وقال ابن كثير بعد أن عزاه للنسائي: إسناده جيد (السيرة النبوية لابن كثير ١/ ٤٨٣).
(٢) الإسراء ٥٩.
(٣) مسند أحمد ١/ ٢٥٨ بإسناد جيد كما في حاشية (١) منه.
(٤) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ١٨٢ و ٨/ ٦١٧) وصحيح مسلم ٤/ ٢١٥٨، ٢١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>