للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة الخندق (الأحزاب)]

وقد جرت غزوة الأحزاب في شوال سنة خمس، وهو قول جمهور العلماء ومنهم ابن إسحق والواقدي ومن تابعهم (١)، ونقل عن الزهري ومالك بن أنس وموسى بن عقبة أنها سنة أربع (٢)، ولا اختلاف بين القولين في الحقيقة، لأن القائلين أنها سنة أربع كانوا يعدون التاريخ من المحرم الذي وقع بعد الهجرة ويلغون الأشهر التي قبل ذلك إلى ربيع الأول، فتكون غزوة بدر عندهم في السنة الأولى وأحد في الثانية والخندق في الرابعة، وهو مخالف لما عليه الجمهور من جعل التاريخ من المحرم سنة الهجرة (٣). فإذاً لا اختلاف بين المؤرخين في أن الخندق في السنة الخامسة. وقد شذ ابن حزم بقوله أنه لم يكن بين أحد والخندق سوى سنة واحدة (٤)، وبني رأيه على ظاهر حديث عبد الله بن عمر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رده يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة، وأجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة (٥). ولكن البيهقي وابن القيم والذهبي وابن حجر فسروا ذلك بأن ابن عمر كان يوم أحد في بداية الرابعة عشرة ويوم الخندق في نهاية الخامسة عشرة (٦). وهو الموافق لقول جمهور علماء السيرة.

وتعتبر غزوة الأحزاب للمدينة حلقة من حلقات الصراع العسكري بين المسلمين وقريش فالحرب معلنة بين الطرفين، ولا حاجة لتلمس الأسباب الرئيسية لوقوع القتال، ولكن ثمة عوامل مباشرة في التأثير يمكن بيانها، فغزوة الأحزاب جاءت على أثر إخفاق قريش في تحرير طرق تجارتها إلى الشام في غزوة


(١) ابن كثير: البداية والنهاية ٤/ ٩٣؛ ومغازي الواقدي ٢/ ٤٤٠.
(٢) ابن كثير: البداية والنهاية ٤/ ٩٣؛ وصحيح البخاري ٥/ ٤٤، حيث نقل قول موسى بن عقبة والفسوي: المعرفة والتاريخ ٣/ ٢٥٨.
(٣) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٣٩٣.وقد وضع عمر (رض) التقويم الهجري سنة سبع عشرة للهجرة (السخاوي: الاعلان بالتوبيخ ١٤١).
(٤) جوامع السيرة ١٨٥.
(٥) صحيح البخاري ٥/ ٨٩.
(٦) البيهقي: دلائل النبوة ١٢٢ ب؛ وفتح الباري ٥/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>