للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصوليين ,مما عنونوا له بـ "تأويل مختلف القرآن" و"تأويل مختلف الحديث".

والمؤمن الواعى يتبع السلف الصالح فى طرائق البحث والاستنباط والترجيح. وإلا تاه وسط آلاف الروايات فى مجلدات التفسير والحديث. فإن استغلق عليه فهم أمر عقدي أو شرعي فليقل كما علمنا ربنا تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (١).

[حول ما يزعم من وجود الإعجاز الرياضى فى القرآن]

قال تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (٢).

لقد جائت هذه الآيات فى سورة المدثر بعد ذكر موقف الوليد بن المغيرة من الإسلام ,وقوله عن القرآن: {إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (٣).وكان الوليد من رجلات قريش ,كثير المال والولد, حسن المعرفة بالشعر ,وبأفانين الكلام, مما يجعله واعيا لكلام الله تعالى مميزا له ,لكنه آثر الكفر عنادا منه للحق, واستكبارا وبطرا وجحودا للنعم العظيمة التى أنعمها الله عليه, مع أنه كان يطمع فى المزيد من النعم, ولعله كان يطمع فى النبوة بعد أن نالته حظوظ الدنيا شبع منها. فيكون الحسد أحد بواعث إنكاره لنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ,فمضى يعين قومه فى دعايتهم ويوجههم فيها, مدعيا أن القرآن سحر يأخذه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن غيره, ويؤكد لهم أنه لقول بشر كما يذكر القرآن {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} (٤).


(١) آل عمران:٧.
(٢) المدثر:٢٦ - ٣١.
(٣) المدثر:٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>