للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أن المغيرة كان يعلم تماما أنه ليس من كلام البشر, فقد وَضَّحَ لقومه مباينة القرآن لكلام الكهان ومفارقته لشعر الشعراء, ومن هنا توعده الله تعالى بأن يصليه سقر وهو اسم علم لباب من أبواب جهنم, ناره لا تبقى من فيها حيا ولا تذره ميتا, بل تحرقه كلما تجدد خلقه ليخلد فى العذاب ,وهى "لوَّاحة للبشر" تحرق البشرة, التى تتجدد دوماً ,فتبقى حاسة المعذب كاملة ,فلا تخف معاناته على الدوام ,ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} (١).

وقد أخبر الله تعالى رسوله-صلى الله عليه وسلم- بأن سقر عليها تسعة عشر خازنا من الملائكة, وذلك أن أبا جهل ظنهم رجالا فزعم أن عدد قريش كثير, وأنهم يغلبون تسعة عشر رجلا, فبين تعالى أنهم ملائكة, وأن ذكر عددهم المحدود فيه فتنة للمشركين الذين استقلوا عددهم وطمعوا فى غلبتهم, وبين تعالى أن عدد خزنة النار مذكور أيضا في التوراة والإنجيل ,وأن هذا الإتفاق فى العدد لأن كتب الله تعالى يصدق بعضها بعضا ,فيزيد يقين أهل الكتاب والمؤمنين بصحة نبوة أنبيائهم وصدق كتبهم, وأما المشركون فيزدادون شكا ونفاقا فى حقيقة البعث والنار التى وصفها القرآن بأنها تذكرة للبشر {وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (٢).

ويتضح من النص القرآنى وكلام السلف فى بيان معناه أن عدد خزنة النار هم تسعة عشر خازنا, وأنهم من الملائكة, وأن الرقم "تسعة عشر" ليس لغزا غامضا ليأتى الباحثون فى القرن العشرين ,فيدخلوا القرآن فى الكمبيوتر ثم يحلوا لغز الرقم , وعندها يتجلَّى لهم مالم يتجلَّ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أوجه الإعجاز القرآنى -فيما يزعمون-!!!

فقد ظهرت خلال العقود الثلاثة دراسات مبينة على أنه ثمة إعجازا رياضيا فى القرآن, وأن هذا الإعجاز كشف عنه الكمبيوتر حيث أظهر أن ثمة خصوصية للرقم "تسعة عشر" فى القرآن حيث تبين الدراسات التى استعانت بالعقل


(١) النساء:٥٦.
(٢) المدثر:٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>