للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نبي الرحمة]

قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (١).

فالرسول عربي قرشي معروف النسب، لم يطعن أحد في صحة نسبه, وكرم محتده، فمخاطبة الله تعالى للعرب بأن الرسول من أنفسهم تذكير لهم بأنه لهم ناصح ومحب، وعليهم مشفق، وعلى هدايتهم حريص، وأنه بهم رفيق وعليهم مشفق, يشق عليه ضلالهم ويفرح لهدايتهم، ووردت أحاديث كثيرة تبين بعض مظاهر الرحمة المهداة، والمتمثلة بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك وفاته صلى الله عليه وسلم قبل أمته ليكون لها سلفا ففي الحديث: "إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة عذبها، ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره" (٢).

ومن وقائع السيرة النبوية أن ثقيفا آذت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام حتى رشقوه بالحجارة وأدموا قدميه، وخيَّره الله أن يعاقبهم فيطبق عليهم الجبال، فقال عليه الصلاة والسلام: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً" (٣).

وكان عليه الصلاة والسلام أَمنْاً لأمته في حياته، كما أن الاستغفار أمن لها بعد وفاته قال تعالى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٤) وهو في حياته ومماته رحمة وخير للمؤمنين. قال عليه الصلاة والسلام: "حياتي خير لكم: تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض عليَّ أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم" (٥).


(١) التوبة: ١٢٨.
(٢) صحيح مسلم ٤/ ١٧٩١ - ١٧٩٢ حديث رقم ٢٢٨٨.
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري ٦/ ٣١٢ - ٣١٣) وصحيح مسلم ٣/ ١٤٢٠.
(٤) الأنفال: ٣٣.
(٥) رواه البزار كما في كشف الأستار ١/ ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>