للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو رحمة عامة كما في القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٣) كما أنه نور يضيء طريق الهداية للناس قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (٤).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أضاء من المدينة كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا" (٥).

وقد منح الله تعالى الأنبياء دعوة مستجابة، فتعجلوها ودعوا بها، أما الرسول الكريم فقد ادخرها لأمته كما في الحديث: "لكل نبي دعوة مستجابة فعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة" (٦).

وتتجلَّى في رسالة النبي الكريم كل معاني الرحمة، فقد رفع الله عن أمته الإصر والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، فيسر لها الدين ورفع عنها الحرج {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١).

وقد امتلأت نفس الرسول الكريم بالرحمة، وأوصى أتباعه بأن يكونوا رحماء كما وصفهم القرآن {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} (٢).

قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٣). وقال زيد بن حارثة: "أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم أن ابناً لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل


(١) الأنبياء:١٠٧. (٤) الأحزاب ٤٥
(٢) مسند أحمد ٣/ ٢٢٨ - ٢٦٨ والحاكم والمستدرك ٣/ ٥٧ وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) متفق عليه واللفظ لمسلم (صحيح البخاري ٧/ ١٤٥ وصحيح مسلم ١/ ١٨٩ حديث رقم ١٩٩).
(٤) الحج:٧٨.
(٥) الفتح: ٢٩.
(٦) صحيح مسلم ٤/ ٢٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>