للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلقية والاجتماعية وأذواقهم الأدبية والفنية, فلا غرابة إذا ما عبَّر مفكر غربي هو الدكتور موريس عن إعجابه بقوله (إن القرآن أفضل كتاب أخرجته العناية الإلهية الأزلية لبنى البشر).

[أثر القرآن فى تبصير الإنسان]

إن القرآن يفتح للمؤمن آفاقا بعيدا لاستشراف الحق والخير إذا سلك العبد سبيل الهداية ومجاهدة النفس, وبإلزامها المعروف وتجنبيها المنكر ,أو بتعبير آخر بإقامتها على السنة التى سنها محمد -صلى الله عليه وسلم- وتنفيرها من البدعة ,فهذه المجاهدة للنفس والأخذ بها فى مسالك الهداية والنور تفضي إلى انفساح الآفاق أمام النفس لزيادة الصعود والارتقاء, والإشراق .. فكلما زادت المجاهدة قويت البصيرة وعظمت معرفة الإنسان بالله ثم بالنفس وبالعالم من حوله.

وفعل الأوامر واتباع المواعظ يفضى إلى الأجر العظيم فى الدنيا الآخرة, ويفضى إلى زيادة الهداية والاستقامة على نهج الحق.

لقد علم الله تعالى عباده المؤمنين أن يدرسوا أنفسهم, ويحللوا دوافع سلوكهم, ويتبصروا فى خطرات النفس, ويستشرفوا نوايا أعمالها وكانت آيات القرآن الكريم تتابع فى رسم منحنيات النفس وبيان مكامن القوة ومواطن الضعف فيها قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (١) وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} (٢) وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (٣).فكان هذا التوجيه دافعا لظهور مدارس علم النفس فى الإسلام، ذلك العلم الذى زرع المسلمون الأوائل جذوره وأهمل الخلف تعهد تلك الجذور .. فلم يصل إلى غاياته إلا فى حضارة الغرب


(١) العنكبوت:٦٩.
(٢) محمد:١٧.
(٣) النساء:٦٦ - ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>