للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أوائل المهاجرين]

ويتفق موسى بن عقبة وابن إسحاق على أن أبا سلمة بن عبد الأسد هو أول من هاجر من مكة إلى المدينة بعد أن آذته قريش إثر عودته من هجرة الحبشة فتوجَّه إلى المدينة قبل بيعة العقبة بسنة (١).

وكذلك فإن مصعب بن عمير وابن أم مكتوم كانا من أوائل المهاجرين حيث كانا يقرئان الناس القرآن (٢). وقد تتابع المهاجرون فقدم المدينة بلال بن رباح وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر ثم عمر بن الخطاب في عشرين من الصحابة (٣).

وقد سعت قريش بشتى الطرق إلى عرقلة الهجرة إلى المدينة، وإثارة المشاكل أمام المهاجرين، مرة بحجز أموالهم ومنعهم من حملها، ومرة بحجز زوجاتهم وأطفالهم، وثالثة بالاحتيال لإعادتهم إلى مكة. لكن شيئا من ذلك كله لم يعق موكب الهجرة. فالمهاجرون كانوا على أتم الاستعداد للانخلاع عن أموالهم وأهليهم ودنياهم كلها تلبية لداعي العقيدة.

قالت أم المؤمنين أم سلمة (٤) رضي الله عنها: "لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره، ثم حملني عليه، وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري، ثم خرج بي يقود بعيره، فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد؟


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٤٦٨ من طريق ابن إسحاق بدون إسناد وابن حجر: فتح الباري ٧/ ٢٦١. لذلك قالت أم سلمة رضي الله عنها إن أبا سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله (صحيح مسلم ٢/ ٦٣٢).
(٢) و (٣) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٦٠) من حديث البراء بن عازب.
(٤) هند بنت أبي أمية، هاجرت إلى الحبشة ثم إلى المدينة، ولما مات زوجها أبو سلمة بن عبد الأسد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم (الإصابة لابن حجر ٨/ ١٥٠) وقد ذكر الواقدي أن عمرها حين وفاتها ٨٤ سنة، وبينت الروايات الصحيحة أنها كانت حية في أيام ثورة ابن الزبير على يزيد ابن معاوية، ولعل وفاتها كانت سنة ٦١ هـ كما قال محمد بن حبيب (المحبر ٨٥) فتكون سنها حين الهجرة ٢٣ سنة وحين زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ٢٧ سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>