للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[غزوة ذات السلاسل]

ولم تمض سوى أيام على عودة الجيش من مؤتة إلى المدينة حتى جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيشا بقيادة عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، وذلك لتأديب قضاعة التي غرّها ما حدث في مؤتة التي اشتركت فيها إلى جانب الروم فتجمعت تريد الدنو من المدينة، فتقدم عمرو بن العاص في ديارها ومعه ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار، وأمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستعين ببعض فروع قضاعة من بليّ وعذرة وبلقين عليها، وقد بلغ عمرو بن العاص أن جموعها كبيرة فاستمد الرسول صلى الله عليه وسلم فأمده بمائتين من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وعليهم أبو عبيدة عامر بن الجراح.

ويذكر عامر الشعبي (ت ١٠٣ هـ) أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل أبا عبيدة على المهاجرين وعمرو بن العاص على الأعراب وطلب منهما أن يتطاوعا وأن الجيش أرسل ضد بني بكر لكن عمرو بن العاص أغار على قضاعة (١).

وقد توغل الجيش في ديار قضاعة التي هربت وتفرقت، وقد أعادت هذه الحملة الهيبة للمسلمين في هذه المنطقة، تلك الهيبة التي كانت أحداث غزوة مؤتة قد زعزعتها (٢).

وفيها صلى عمرو بن العاص بالمسلمين بعد أن تيمم من الجنابة حيث خاف على نفسه المرض إذا اغتسل بسبب البرد، وقد أقرّ النبي صلى الله عليه وسلم اجتهاده حين بلغه (٣).


(١) الرواية ساقها الإمام أحمد بإسناد صحيح إلى عامر الشعبي، لكنه أرسلها والمرسل من أنواع الضعيف عند المحدثين، وكان عامر الشعبي من المعنيين بالمغازي حتى شهد له بذلك عبد الله بن عمر (تهذيب التهذيب ٥/ ٦٧).
(٢) زاد المعاد ٣/ ١٥٧، نقلا عن ابن سعد بدون إسناد.
وابن حجر: فتح الباري ٨/ ٧٤ - ٧٥.
(٣) حديث صحيح أخرجه أبو داؤد والدارقطني والحاكم والبيهقي (الألباني: صحيح سنن أبي داؤد رقم ٣٦٠، ٣٦١). وأخرجه الإمام أحمد: المسند ٤/ ٢٠٣، بإسناد فيه ابن لهيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>