للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن وهبه الماء والطعام والهواء وكل ما يلزم لحياته دون أن يطالب بشيء سوى العبادة التي تحقق غاية الوجود. وكان رسول الله يعبر عن إحساسه بكل معاني الإحسان الإلهي والتعهد الرباني عندما يصلي حتى ترم قدماه. (أفلا أكون عبدا شكور؟).

[ختم النبوة وعموم الرسالة الإسلامية]

بعث محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، بعد أن ضاعت معالم الرسالات السماوية السابقة، وتحرفت تعاليمها، وخفت إشعاعها، وضعف أثرها في الحياة الإنسانية، فكانت رسالته تجديدا لدعوة التوحيد التي بعث بها سائر الأنبياء والمرسلين، وتعديلا للشرائع السابقة وإكمالا لها، بعد أن ارتقت البشرية وتفتحت عقولها وتهيأت نفوسها لاستقبال الرسالة الخاتمة بكل جوانبها الروحية والاجتماعية، وقد أوضح المصطفى صلى الله عليه وسلم أن رسالته إكمال لرسالات الأنبياء السابقين، قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (١).

وفي الحديث الشريف عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجي بني دارا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة. فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: لولا موضع اللبنة". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنا موضع اللبنة، فجئت فختمت الأنبياء" (٢).

والحديث يبين اكتمال الرسالة الخاتمة ووفاءها بحاجات البشرية، مهما درجت في مراقي التقدم الحضاري ثقافة وصناعة، مما نص القرآن الكريم بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (٣)، فالإسلام هو الدين الخاتم الذي لا دين بعده، ومحمد هو


(١) الأحزاب: ٤٠.
(٢) صحيح مسلم ص ١٧٩١.
(٣) المائدة آية: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>