للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: "أفلا أكون عبدا شكورا" (١).

إن عبادة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هي ثمرة إحساسه صلى الله عليه وسلم بعظمة الخالق ونعمه الكثيرة عليه، وخاصة ائتمانه على الرسالة الخاتمة التي حملها للعالمين .. والتي صارت بفضل الله ثم بفضل تبليغ الرسول لها أعظم نعم الله على العباد، فهي تتقدم سائر النعم الأخرى جليلها وصغيرها، فليس من نعمة أعظم من الهداية إلى معرفة الله الخالق، واستبانة طريقه المستقيم المفضي إلى النعيم المقيم. في الآخرة، وإلى الطمأنينة والراحة النفسية في الدنيا، حيث لم يعد الإنسان بحاجة إلى طواف طويل وجهد عقلي كبير سعيا للوصول إلى الحق، وتعرفا على الله، ووصولا إلى الحق والخير والجمال. فكل ذلك جاءت به الرسالة الخاتمة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغها لأصحابه رضوان الله عليهم، وهم بدورهم حملوها إلى أمم الأرض، وتوارثها الخلف عن السلف عبر القرون، فاهتدى بنورها ألوف الملايين من أهل الأرض.

إن نعم الله على الإنسان لا تعد ولا تحصى في روحه وعقله وبدنه، بحيث إن الإنسان الواحد يمتلك ثروة عظيمة جهزه بها الخالق القدير في أعضائه المختلفة، ومن البديهي أن الإنسان صاحب هذه الأعضاء لا يرضى أن يستبدل أيا منها بالألوف المؤلفة من الدنانير والذهب والفضة، وهذا ينطبق على نعمة البصر والسمع والعقل، بل واليد والرجل .... وقد جاء الوقت الحاضر ليرى الناس جميعا أن أعضاء البدن تقوم بالمال الكثير عندما يحتاج مريض إلى كلية أو غيرها.

إن النعم تحيط بالإنسان وتكتنفه لكن تعوده عليها ينسيه قيمتها، ولو فقد الإنسان شربة ماء ثم وجدها بالمال الكثير لدفعه لحيازتها، لكن كرم الخالق معه


(١) متفق عليه (صحيح البخاري ٢/ ٤٤) وصحيح مسلم حديث رقم ٢٨١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>