للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللمَلَك لَمَّةً ,فأما لَمَّةُ الشيطان فإيعادُ بالشر وتكذيب بالحق, وأما لَمَّةً المَلَك فإيعاد بالخير وتصديقُ بالحق, فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله ,فليحمَدِ الله ,ومن وجد الأخرى فليتعوَّذ بالله من الشيطان ثم قرأ {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ (١)} " (٢).

ولكن معرفة الخير والحق الذى يخطر بنفس المؤمن لا تتم إلا بمعرفة الدين عقيدةً وشريعةً, نظراً وتطبيقاً, لذلك أرسل الله الرسل لتبصير العباد وإنارة الدرب أمامهم {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} (٣).

[خلو القرآن من التعارض]

ولا شك أن كلام الله تعالى وكلام رسوله المبلغ عنه يخلو من التناقض الذى قد يقع فى كلام البشر. قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٤)

لأن علم الله تعالى محيط, وإنما يقع فى التناقض من يقصر عن الإحاطة العلمية, أو يغفل عن جزئية فتشذ عن قاعدة يقعدها, أو استقراء يقوم به ,وأما الله الذى أحاط بكل شيء علماً, والذى لا يعزب عنه مثقال حبة فى الأرض ولا فى السماء, فمحال فى حقه التناقض والاختلاف فى القول, وكذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن من المحال أن يتناقض فى كلامه, ولا يدخل فى ذلك أن ينسخ قوله اللاحق قوله السابق فإن النسخ وقع فى الكتاب والسنة معاً فى عصر التنزيل, ولكن قصور علم الإنسان المتلقى عن الله ورسوله وعدم إحاطته بالنصوص لكثرتها أو لعدم وصولها إليه أو لقصوره عن فهمها وحسن توجيهها توجيها صحيحا, أو لقلة بضاعته اللغوية أو عدم إتقانه الصناعة النحوية, أو لعدم معرفته بقواعد إزالة التعارض التى قعَّدها العلماء من المحدثين


(١) البقرة: ٢٦٨.
(٢) رواه الترمذى: السنن٥/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(٣) النور:٥٤٧.
(٤) النساء:٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>