من الثغرات التي انتبه لها المفكرون المسلمون في بداية الستينات من هذا القرن قضية إعادة صياغة التاريخ الإسلامي وفق التصور الإسلامي لحركة التاريخ من ناحية التفسير التاريخي، ووفق مناهج المحدثين من ناحية البحث في التاريخ الإسلامي ... ولا شك أن تقديم المقترحات والملاحظات حول إعادة صياغة التاريخ الإسلامي خلال أربعة عشر قرناً في غاية الصعوبة، لطول الفترة الزمنية من ناحية، ولتنوع المصادر واختلافها من حيث التنظيم وطرق العرض واختلاف الجوانب التي تستحق التركيز عليها في كل حقبة، وظهور انحراف عن الإسلام في الحياة السياسية منذ فترة مبكرة، ثم انحرافات أخرى في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتربوية في الفترات المتأخرة، ثم انحراف أخطر عن العقيدة والشريعة في القرن العشرين، مما يؤثر في تفسير دوافع حركة "التاريخ الإسلامي".
ولذلك سأقصر كلامي على إعادة صياغة تاريخ صدر الإسلام ويشتمل على السيرة النبوية المطهرة وعصر الراشدين حيث يقوي تأثير العقيدة في دوافع سلوك المسلمين من ناحية، كما أن المصادر تتشابه من ناحية التزامها بسوق الروايات تتقدمها الأسانيد على طريق المحدثين في الغالب، وكذلك لخطورة تاريخ صدر الإسلام حيث يمثل التطبيق الصحيح لتعاليم الإسلام الكاملة الشاملة، فهو الصورة النموذجية والمثال الذي نسعى بمجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة للوصول إليه، وسأتعرض لبعض ملامح التصور الإسلامي للتفسير التاريخي، ثم أتعرض لمنهج البحث الافتراضي وفق قواعد مصطلح الحديث مع تمهيد لذلك ببيان الحاجة إلى كتابة تاريخنا بأقلام إسلامية.
إن تاريخ الأمم الأخرى كتب بأقلام أبنائها وإن أسهم فيه غيرهم، والأصل أن نحمل - نحن المسلمين - مسئولية كتابة تاريخنا بأيدينا، وأن نعرف