للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معجزات الرسول الحسية]

كان المشركون يطالبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالآيات الحسية التى تخرق سنن الحياة وقوانين الطبيعة, وكانوا يقصدون من وراء طلبهم إظهار عجزه عن ذلك والسخرية منه ولعل المؤمنين-وقد ضاقت بهم السبل-كانوا يتطلعون إلى الاستجابة لطلب المشركين رجاء إيمانهم ,خاصة أن المشركين كانوا يحلفون ويؤكدون بأنهم سيستجيبون للإسلام حال ظهور المعجزات الخارقة. لكن الإسلام لم يعتمد على المعجزات الخارقة فى اجتذاب قلوب الناس إلى الإيمان, بل اعتمد على إقناع عقولهم واجتلاب قلوبهم وملء وجدانهم بمعانى القرآن, الذى يمثل المعجزة الدائمة الباقية, مما يمكن الأجيال المتعاقبة إلى التأثر بهذه المعجزة البيانية ,وما تحمل من معانى الحق والصدق, وما تزخر به من سمو التشريع ,وحسن الإرشاد إلى مكارم الأخلاق ,فضلا عن قوة التأثير الروحى والنفسي فى السامع والقارئ.

وقد أخبر الله تعالى بأن المشركين لن يؤمنوا حتى لو جاءتهم المعجزات الخارقة, لأن الله تعالى يقلب افئدتهم وأبصارهم ,ولا يريد هدايتهم ,فهم أهل عناد واستهزاء وجحود للحق, مثلهم لا يستسلم للحق مهما وضح لهم وسوف يجدون لكل آية تأويلا ,ولكل معجزة تفسيرا ,إذ أنهم طبعوا على الكفر والتمرد على الله تعالى ,ومن كان هذا حاله لا يعدم التأويلات والتفسيرات والظنون والتقولات قريبة وبعيدة. قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١٠) وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} (١).


(١) الأنعام:١٠٨ - ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>