للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في أعقاب غزوة الخندق]

[سرية الخبط (سرية سيف البحر)]

استثمر المسلمون ما أصاب الأحزاب من فشل، وضيقوا على قريش الخناق الاقتصادي من جديد فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار لرصد قافلة لقريش قرب ساحل البحر فأصابهم الجوع حتى أكلوا الخبط، فسمي جش الخبط، وقد نحروا بعض الإبل ثم نهاهم أبو عبيدة لحاجتهم إليها إذا لقوا عدوهم، فألقى إليهم البحر بحوت عظيمة فأكلوا منها نصف شهر وحملوا بعضها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأكل منها (١).

ولعل هذه السرية آخر ما أرسل من سرايا وبعوث لتهديد تجارة مكة حيث توقف ذلك تطبيقاً لمعاهدة صلح الحديبية بعد أن أجهدت اقتصاد مكة حيث عبر أبو سفيان عن ذلك بقوله "وكانت الحرب قد حصبتنا" (٢).


(١) صحيح البخاري ومسلم (زاد المعاد ٢/ ١٥٨) وقد أوضح ابن القيم خطأ ابن سيد الناس في تاريخ السرية في رجب سنة ثمان حيث لم يغزو ولم يبعث سرية في الشهر الحرام. ثم إن صلح الحديبية يمنع اعتراض المسلمين لقافلة قريش فلابد أن تكون سرية الخبط قبل الصلح.
فلعلها كانت في أعقاب الخندق كما أثبتها.
(٢) فتح الباري ١/ ٣٤ وذكر في ٨/ ٧٩ احتمالاً آخر هو إنهم لم يخرجوا لأخذ القافلة بل لحمايتها من جهينة. ولم أخذ بهذا الاحتمال فإن جهينة كانت قد أسلمت مبكراً والتزمت بالصلح مع المسلمين، وقبل إسلامها لم تكن تتعرض لقوافل قريش بل كانت موادعة للمسلمين ولقريش معاً حرصاً على مصالحها مع الطرفين (انظر مسند أحمد ١/ ١٧٨ وسيرة ابن هشام ١/ ٥٩٥ ثم إن الحافظ صرح بأنها كانت قبل فتح مكة بمدة (فتح الباري ٨/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>