للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وردت روايات أخرى صحيحة تفيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في المسجد الحرام، أو في الحطيم أو الحجر بالذات من المسجد الحرام حين شق صدره وغسل قلبه (١)، ويمكن الجمع بأنه كان في بيته ثم جاء به جبريل إلى المسجد الحرام (٢). فالرواية التي سقتها تفيد بأن الغسل تمَّ بماء زمزم، وهو في المسجد الحرام، وقد تبيَّن الشرَّاح أن الحكمة في شق الصدر وملء قلبه إيماناً وحكمةً استعداداً للإسراء به تظهر في عدم تأثر جسمه بالشق وإخراج القلب مما يؤمنه من جميع المخاوف العادية الأخرى. ومثل هذه الأمور الخارقة للعادة مما يجب التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته، لمقدرة الله تعالى التي لا يستحيل عليها شيء (٣).

وقد أنكر ابن حزم الظاهري والقاضى عياض وقوع الشق ليلة الإسراء وادعى أن ذلك تخليط من شريك - في إسناد البخاري - وليس كذلك، فقد ثبت وقوع شق الصدر في الإسراء والمعراج في الصحيحين من غير طريق شريك (٤).


= وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب (٧٤) الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات ١/ ١٤٨ (ط. محمد فؤاد عبد الباقي) وأما برواية أبي ذر عند البزار (كشف الأستار ٣/ ١١٥ - ١١٦) ففيه "وأنا ببعض بطحاء مكة" فهو شاذ، والسند ضعيف فيه انقطاع حيث لم يسمع عروة من أبي ذر وقد تفرد به عروة كما صرح البزار.
(١) صحيح مسلم ١/ ١٥٠، كتاب الإيمان، باب ٧٤ الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات. والبخاري: كتاب بدء الخلق باب (٦) ذكر الملائكة (الفتح ٦/ ٣٠٢) وكتاب مناقب الأنصار، باب (٤٢) المعراج (فتح الباري ٧/ ٢٠١) وكتاب التوحيد باب (٣٧) ما جاء في قوله عز وجل (وكلّم الله موسى تكليماً) (فتح ١٣/ ٤٧٨).
(٢) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٢٠٤.
(٣) فتح الباري ٧/ ٢٠٥.
(٤) صحيح البخاري، باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء ١/ ٩١ وباب ما جاء في زمزم ٢/ ١٦٧ وباب المعراج ٤/ ٢٨٤ وصحيح مسلم ١/ ١٤٩ - ١٥٠، وراجع حول إنكار ابن حزم والقاضي عياض (شرح الشفا لملا على القاري ١/ ٤١٤ وشرح الزرقاني على المواهب ٦/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>