للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حيث أدركته الصلاة، ثم أمر ببناء المسجد في أرض كان فيها نخل لغلامين يتيمين من بني النجار (١). وقد اشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام المسلمون بتسويتها وقطع نخيلها وصفوا الحجارة في قبلة المسجد، وما أعظم سرورهم وهم يعملون في بنائه ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعمل معهم وهم يرتجزون:

اللهمّ إنه لا خيرَ إلا خيرُ الآخرة ... فانصرُ الأنصارَ والمهاجرة (٢).

وقد بناه أولًا بالجريد ثم بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين (٣).

كانت الهجرة قاسية الوقع على المهاجرين. وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحَزْورة في سوق مكة فقال: "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليَّ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" (٤).

لقد واجه المهاجرون من مكة صعوبة اختلاف المناخ، فالمدينة بلدة زراعية، تغطي أراضيها بساتين النخيل، ونسبة الرطوبة في جوها أعلى من مكة، وقد أصيب العديد من المهاجرين بالحمى منهم أبو بكر وبلال. فكان أبو بكر إذا أخذته الحُمىَّ يقول:

كلّ امريء مصّبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال إذا أقلع عنه الحُمىَّ يرفع عقيرته يقول:

ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً ... بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجَليلُ

وهل أَرِدَنْ يومًا مياهَ مِجَنَّةٍ ... وهل يَبْدُونَ لي شامةٌ وطَفيلُ


(١) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٦٥).
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٦٥).
(٣) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٢٤٦ نقلًا عن الزبير بن بكار.
(٤) رواه الترمذي (سنن ٥/ ٧٢٢) وقال: حسن غريب صحيح.
وابن ماجة: سنن ٢/ ١٠٣٧ رقم الحديث ٣١٠٨ والدارمي: سنن ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>