للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف المؤرخون في سبب الهجرة الأزد، فبعضهم يرجع ذلك إلى انهيار سد مأرب وحدوث سيل العرم. وقد بيّن القرآن الكريم أنه كان عقوبة لسبأ، بسبب إعراضهم عن الحق، وأنه أدى إلى تفرق سبأ في البلاد وكان التصدع الأخير للسد سنة ٥٤٤ م في أيام أبرهة (١)، وبعضهم يقلل من أثر انهيار السد، ويعزو ذلك إلى الاضطرابات السياسية والتدهور الاقتصادي الذي نجم عن سيطرة الرومان على البحر الأحمر وانتقال تجارة الهند عبره ولا يتعارضان لشمول تأثير ذلك على السكان ومنهم الأزد التي كان معظمها يسكن خارج منطقة سد مأرب (٢). ولا يخفى أن انهيار السد من أسباب التدهور المذكور وما أعقبه من تشتت من حوله من سبأ.

وممن هاجر من الأزد الأوس والخزرج الذين استقروا بيثرب إلى جانب يهود.

فسكن الأوس منطقة العوالي بجوار قريظة والنضير، وسكن الخزرج سافلة المدينة حيث جاوروا بني قينقاع، وكانت ديار الأوس أخصب من ديار الخزرج مما كان له أثر في المنافسة والصراع بين الطرفين (٣).

ويحدد سديو تاريخ هجرتهم بعام ٣٠٠م ثم سيطرتهم على يثرب في عام ٤٩٢ م (٤) ولا شك أن ثمة تحولات اقتصادية وسكانية حدثت لصالح العرب وتمثلت في زيادة عددهم وثروتهم (٥) ولا يوجد إحصاء لعدد الأوس والخزرج ولكن القبيلتين قدمتا أربعة آلاف مقاتل للجيش الإسلامي الذي ذهب لفتح مكة سنة


(١) انظر سورة سبأ ١٥ - ١٩ وجواد علي: المفصل في تاريخ العرب ٢/ ٢٨٥.
(٢) أحمد إبراهيم: مكة والمدينة ص ٣١٥.
ومحمد بيومي مهران: دراسات في تاريخ العرب القديم ص ٤٥٨ - ٤٥٩.
(٣) أحمد إبراهيم الشريف، مكة والمدينة ص ٣٣٧ - ٣٤٠.
(٤) سديو: تاريخ العرب العام، ترجمة عادل زعيتر ص ٥١.
(٥) السمهودي: وفاء الوفا ١/ ١٢٥ - ١٢٦.
وأحمد إبراهيم الشريف: مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول ص ٣٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>