للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا التعليل الذي قدمه ابن كثير غير مقبول لأن المصادر ذكرت مؤاخاة حمزة بن عبد المطلب لكلثوم بن الهدم أو غيره، كما ذكرت مؤاخاة زيد ابن حارثة لأسيد بن حضير (١).

كما أن المؤاخاة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وعلي تقتضي التوارث، والنبي لا يورث كما جاء في الحديث، كما أن البلاذري ذكر مؤاخاة علي لسهل بن حنيف (٢)، وكذلك فإن البلاذري ذكر وقوع مؤاخاة بين النبي وعلى وحمزة وزيد بمكة (٣).

ونخلص من ذلك إلى أن هذه المؤاخاة بين النبي وعلي وبين حمزة وزيد إذا كانت قد وقعت - فإنها مؤاخاة تقتضي المؤازرة والرفقة دون حقوق التوارث وأنها جرت في غير الوقت الذي أعلن فيه نظام المؤاخاة في دار أنس بن مالك.

وأخيراً فإن المؤاخاة التي شرعت بين المؤمنين باقية لم تنسخ سوى ما يترتب عليها من توارث فإنه منسوخ، وبوسع المؤمنين في كل عصر أن يتآخوا بينهم على المواساة، والارتفاق والنصيحة ويترتب على مؤاخاتهم حقوق أخص من المؤاخاة العامة بين المؤمنين.

إن استجابة المسلمين لأوامر الله تعالى تظهر في انخلاعهم عن علاقاتهم الاجتماعية والمكانية إذا اقتضت ذلك مصلحة العقيدة.


(١) ابن هشام: السيرة ١/ ٥٠٤ - ٥٠٧.
(٢) البلاذري: أنساب الأشراف ١/ ٢٧٠.
(٣) المصدر السابق ١/ ٢٧٠. وقد ورد خبر مؤاخاة حمزة لزيد في مسند أحمد ١/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>