إن التفسير الإسلامي منبثق من تصور الإسلام للكون والحياة والإنسان، فهو يقوم على الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، وهو لا يخرج عن دائرة المعتقدات الإسلامية، وهو مبني على فهم دوافع السلوك في المجتمع الإسلامي مما يجعل حركة التاريخ الإسلامي ذات طابع متميز عن حركة التاريخ العالمي لأثر الوحي الإلهي فيه. وهو ليس تفسيراً تبريرياً بل تبرز فيه خصائص الإيمان المستعلي على ما سواه. كما أنه ليس تفسيراً مادياً يحصر المؤثرات على حركة التاريخ البشري في العوامل المادية كتبديل وسائل الإنتاج - كما في الفكر الماركسي، أو التفسيرات المعتمدة على أثر البيئة الخارجية (من مناخ وجغرافية واقتصاد ...). كما في الفكر المادي الغربي، بل هو يوضح دور الإنسان ومسئوليته عن التغير الاجتماعي والتاريخي في إطار المشيئة الإلهية. وكذلك فإنه ليس عنصرياً يركز على دور شعب بعينه، بل يقوم دور الشعوب الإسلامية وفق حجمها وعطائها الحقيقي. كما أنه ليس طائفياً يوجه التاريخ لخدمة مذهب معين أو طائفة على حساب الحقائق التاريخية. وكل هذه الملامح تحتاج إلى تفصيل كثير لا مجال له في هذا الكتاب، لكنني سأفصل بعض هذه الملامح فقط، وأرجئ تفصيل بقية الملامح إلى وقت آخر إن شاء الله تعالى.