للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما اقتربوا اقترح اليهود أن يجتمع النبي ومعه ثلاثة من أصحابه بثلاثة من أحبارهم فإن أقنعهم آمنت بنو النضير، وقد حمل الثلاثة خناجرهم، لكن امرأة منهم أفشت خبرهم لأخ لها مسلم، فأخبر النبي فرجع ولم يقابلهم، ثم حاصرهم بالكتائب وقاتلهم فنزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح فاحتملوا حتى أبواب بيوتهم. وهذه الرواية إسنادها رجاله ثقات وفيه جهالة اسم الصحابي ولا تضر (١).

أما المحاولة الثانية فقد رواها ابن إسحق وتابعه معظم كتاب السيرة الآخرين، وتتلخص بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني النضير ليستعين بهم على دفع دية رجلين معاهدين قتلهما خطأ عمرو بن أمية الضمري في أعقاب حادثة بئر معونة، فجلس النبي إلى جدار لبني النضير فهموا بإلقاء حجر عليه وقتله فأخبره الوحي بذلك فانصرف عنهم مسرعاً إلى المدينة ثم أمر بحصارهم فنزلوا على الصلح بعد حصار ست ليال، على أن لهم ما حملت الإبل (٢) وهذه الرواية موقوفة على يزيد بن رومان وهو من صغار التابعين، لكنها تتقوى مع المتابعة وقد توبعت برواية عروة بن الزبير في مغازي موسى بن عقبة (٣)، أما موسى بن عقبة صاحب المغازي فقد ذكر فيها إضافة لما ذكره ابن إسحق أنه "كانت النضير قد دسوا إلى قريش وحضوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلوهم على العورة" (٤).

ورغم أن رواية عبد الرزاق أقوى سنداً من رواية ابن إسحق، ولكن الأخيرة حظيت بقبول كتاب السيرة، وكلتا الروايتين تعزو حصار المسلمين لبني النضير إلى محاولتهم قتل الرسول صلى الله عليه وسلم غدراً، وأما رواية موسى بن عقبة فلم تحدد وقتاً


(١) عبد الرازق: المصنف ٥/ ٣٥٩ - ٣٦٠ وانظر فتح الباري ٧/ ٣٣١، وسنن أبي داود ٢/ ١٣٩ - ١٤٠ كتاب الخراج والفيء والإمارة. والمستدرك للحاكم ٢/ ٤٨٣ كتاب التفسير.
(٢) ابن إسحق: السيرة ٣/ ١٩١.
(٣) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٣٣١.
(٤) ابن حجر: فتح الباري ٧/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>