للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} (١).

وكان الأنصار قد بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية على أن يحموه في بلدهم، ولم يبايعوه على القتال معه خارج المدينة لذلك اقتصرت السرايا التي سبقت بدر على المهاجرين، ونظرا لوجود الأنصار مع المهاجرين ببدر وتفوقهم العددي الكبير فقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة رأيهم في الموقف الجديد. فكان أن شاور أصحابه عامة وقصد الأنصار خاصة، وقد روى ابن إسحق خبر المشورة بسند صحيح قال:

"فاستشار الناس وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ودعا له.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا عليّ أيها الناس؟ وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم كانوا عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يارسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك ما نمنع منه أبناءنا ونساءنا.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم.


(١) سورة الأنفال: آية ٥ - ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>