للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر القتال بنفسه قال علي، رضي الله عنه: "لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً" (١).

وقد بدأ القتال بمبارزات فردية، حيث تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم طالبين مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وقد تمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل علي شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما صاحبه فعاونه علي وحمزة فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين (٢).

وقد أثرت نتيجة المبارزة في معسكر قريش وبدأوا الهجوم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بنضح المشركين بالنبل إذا اقتربوا منهم حرصاً على الإفادة من النبال بأقصى ما يستطاع فقال: "إذا أكثبوهم فارموا واستبقوا نبلكم" (٣). ويذكر عروة وقتادة أن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى الحصا في وجوه المشركين (٤)، وتدل على صحة ذلك الآية الكريمة: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٥).

ثم التقى الجيشان في ملحمة قتل فيها عدد من زعماء المشركين، منهم أبو جهل عمرو بن هشام الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه فرعون هذه الأمة (٦). وقد


(١) أحمد: المسند ٢/ ٢٢٨ وقال أحمد شاكر: صحيح.
(٢) سنن أبي داؤد ٤/ ٤٩ وصححه ابن حجر (الفتح ٧/ ٢٩٨).
(٣) فتح الباري ٧/ ٣٠٦ من رواية البخاري.
(٤) الطبري: تفسير ١٣/ ٤٤٢ - ٤٤٣ بإسنادين صحيحين إلى عروة وقتادة لكنهما مرسلان، وهما يعتضدان لأن المرسل إذا تعددت مخارجه يقوى.
(٥) سورة الأنفال: آية ١٧.
(٦) الهيثمي (مجمع الزوائد ٦/ ٧٩) من طريق الطبراني وقال: ورجاله رجال الصحيح غير محمد ابن وهب بن أبي كريمة وهو ثقة. وفي التقريب ٢/ ٢١٦ أنه صدوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>