للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المسلمين يبشرهم فأمره الرسول بالسكوت لئلا يفطن له المشركون (١).

وقد صمدت فئة قليلة كانت حول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ثبت في الميدان ولم تزعزعه الأحداث كما هو شأنه عليه الصلاة والسلام في سائر المواقف الصعبة، فكان يدعو أصحابه كما حكى القرآن الكريم {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} (٢). وخلص بعض المشركين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه وهو في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فقال: "من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة؟ فقاتلوا عنه واحدا واحدا حتى استشهد الأنصار السبعة (٣). ثم قاتل عنه طلحة بن عبيد الله قتالا مشهورا حتى شلت يده بسهم أصابها (٤)، وقاتل سعد بن أبي وقاص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناوله السهام ويقول: "إرم فداك أبي وأمي" (٥) وكان سعد من مشاهير الرماة. ودافع أبو طلحة الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان راميا، فكان النبي يشرف على القتال فيقول له أبو طلحة: "لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك" وكان إذا مر الرجل معه جعبة السهام يقول الرسول: "انثرها لأبي طلحة" (٦). وقد عبر الرسول عن إعجابه بقتاله فقال: "لصوت أبي طلحة في الجيش أشد على المشركين من فئة" (٧).

ورغم استبسال الصحابة في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أصيب إصابات كثيرة فكسرت رباعيته وشج وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه، وجعل


(١) الحاكم: المستدرك ٣/ ٢٠١ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي وقال: صحيح.
(٢) سورة آل عمران: آية ١٥٣، وتصعدون أني تهربون في بطون الأودية والشعاب. (تفسير الطبري ٧/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١٢/ ١٤٦.
(٤) من رواية البخاري (الفتح ٧/ ٣٥٩).
(٥) من رواية البخاري (الفتح ٧/ ٣٥٨).
(٦) من رواية البخاري (فتح الباري ٧/ ٣٦١).
(٧) رواه أحمد (الفتح الرباني ٢٢/ ٥٨٩) بإسناد رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>