للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما زيد بن الدثنة فاشتراه صفوان بن أمية وقتله بأبيه (أمية بن خلف الذي قتل ببدر)، وقد سأله أبو سفيان قبل قتله: أنشدك الله يا زيد أتحب محمداً الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وأنت في أهلك؟ فقال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي.

فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً (١).

ويرى الواقدي أن هذيلاً على اتفاق مع عضل والقارة في الترتيب لهذا الحادث (٢) الذي عرف بحادثة الرجيع نسبة إلى الماء الذي جرت عنده. ورغم ما حدث في الرجيع فإن وفود المسلمين لدعوة الأعراب لم تنقطع إذ لا بد من تبليغ دعوة الإسلام مهما غلت التضحيات.

فلما قدم أبو براء عامر بن مالك المعروف بملاعب الأسنَّة على المدينة دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد ووعد بإجارة وفد يرسله النبي صلى الله عليه وسلم لدعوة الأعراب في نجد، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم وفدا برئاسة المنذر بن عمرو الخزرجي (٣) في شهر صفر من سنة أربع (٤) ومعه سبعون من القراء - وقال ابن إسحق أنهم أربعون فقط - فلما وصلوا بئر معونة من نجد على بعد ١٦٠ كيلاً عن


(١) رواه ابن إسحق من مرسل شيخه عاصم بن عمر بن قتادة وقد صرح بالسماع منه فتبقى علة الإرسال (سيرة ابن هشام ٣/ ١٦٠).
(٢) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٥٠.
(٣) ابن إسحق من مرسل عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والمغيرة بن عبد الرحمن
المخزومي وهما ثقتان (تاريخ خليفة بن خياط ٧٦ وسيرة ابن هشام ٢/ ١٧٤ وأخرجه موسى بن عقبة من مرسل عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، ورواها الطبري من حديث كعب بن مالك (تاريخ الأمم والملوك ٢/ ٣٠ - ٣١).
(٤) أرخ بن حزم حادثة بئر معونة لعشرين بقين من صفر (جوامع السيرة ١٨٠) فيكون قد أرخ لها قبل الرجيع لأنه ذكر أن الرجيع في نصف صفر - مع أنه سرد حادثة الرجيع قبل بئر معونة متابعاً ابن إسحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>