للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يردد معهم الأهازيج والأرجاز مشاركة لهم وتواضعاً، ويقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لا قينا

إن الألى قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

وكان يمد صوته بآخرها (١).

وكان المسلمون يقولون وهم يحفرون وينقلون التراب:

نحن الذين بايعوا محمداً ... على الإسلام ما بقينا أبَدَاً

فكان يجيبهم بقوله:

"اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فبارك في الأنصار والمهاجرة" (٢)، وربما يبدؤهم بقوله فيردون عليه بقولهم (٣).

وكان لمشاركته صلى الله عليه وسلم بصورة فعلية - وليست رمزية - أثر كبير في الروح التي سادت موقع العمل، وقد تمكن المسلمون من إنجاز الخندق في ستة أيام فقط (٤). وبذلك نفذوا متطلبات خطة الدفاع عن المدينة قبل وصول الأحزاب.

وقد حدثت عدة معجزات للنبي صلى الله عليه وسلم أثناء حفر الخندق، منها تكثير الطعام، فقد لاحظ الصحابي جابر بن عبد الله ما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الجوع الشديد فطلب من زوجته أن تصنع له طعاماً، فذبح معزى له، وطحنت زوجته صاعاً من شعير، وصنعت برمة، وذهب جابر فدعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطعام، وساره بكمية الطعام، فصاح النبي بالمسلمين ودعاهم إلى طعام جابر، فحضر


(١) صحيح البخاري ٥/ ٤٧، والفتح ٧/ ٣٣٩.
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ٣٩٢ - ٣٩٣).
(٣) صحيح البخاري ٥/ ٤٥، وفيه "الجهاد" بدل "الإسلام".
(٤) السمهودي: وفاء الوفاء ٤/ ١٢٠٨ - ١٢٠٩، وينقل ذلك عن ابن سعد وابن الجوزي: الوفا بأخبار المصطف، ص ٦٩٣، وتلقيح فهو من أهل الأثر، ص٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>