للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سرد محتويات "صحيحه". وقد يكون أراد الإشعار بذلك، كما ذهب الحافظ ابن حجر ولكنه يبقى مجرد استنتاج لا يمكن القطع به (١). مما يقوي ما ذكرت أن ابن هشام ساق خبر خروج الرسل إلى الملوك بعد حجة الوداع في العام العاشر رغم أن النص الذي ذكره يصرح بأن ذلك بعد عمرة الحديبية (٢). مع ان مراعاة الترتيب على أساس زمني أقوى في سيرة ابن هشام من صحيح البخاري، وقد نبه الحافظ بن حجر نفسه على احتمال تصرف بعض رواة صحيح البخاري في تقديم وتأخير بعض التراجم مثل تقديم حج أبي بكر سنة تسع على ذكر الوفود ومثل تقديم حجة الوداع على غزوة تبوك (٣). كما نبه إلى أن البخاري جمع ما وقع على شرطه من البعوث والسرايا والوفود ولو تباينت تواريخهم (٤).

وواضح أن الاختلاف يسير بين التاريخين ووّفق ابن حجر بينهما بقوله "إن دحية أرسل إلى هرقل في آخر سنة ست بعد أن رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية فوصل إلى هرقل في المحرم سنة سبع (٥). ويدل حديث صحيح على أن كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد وصل إلى هرقل في مدة صلح الحديبية، ويرى ابن حجر أن ذلك كان سنة ست (٦).

وقال أنس بن مالك "كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كل جبار يدعوهم إلى الله" وسمَّى منهم كسرى وقيصر والنجاشي، وقال: وليس بالنجاشي الذي أسلم (٧).

ولا شك أن مكاتبة الملوك خارج جزيرة العرب تعبير عملي عن عالمية الرسالة الإسلامية، تلك العالمية التي أوضحتها آيات نزلت في العهد المكي مثل قوله تعالي: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٨) مما يوضح خطأ النظرة القائلة


(١) فتح الباري ١/ ٣٩، ٨/ ١٢٩.
(٢) سيرة ابن هشام ٤/ ٢٧٨.
(٣) ابن حجر: فتح الباري ٨/ ٨٣.
(٤) المصدر السابق ٨/ ٩٧.
(٥) فتح الباري ١/ ٣٨.
(٦) فتح الباري ١/ ٣٢، ٣٩.
(٧) صحيح مسلم ٣/ ١٣٩٧.
(٨) سورة الأنبياء: آية ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>