وفي مر الظهران عسكر المسلمون وعميت أخبارهم عن قريش فخرج أبو سفيان ابن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء الخزاعي يتحسسون الأخبار، فالتقى بهم العباس بن عبد المطلب، وكان يريد أن يرسل إلى قريش رسولاً يطلب منهم أن يخرجوا أن يخرجوا لمصالحة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل عليهم مكة، وكان أبو سفيان وصاحباه يتناقشون بينهم في أمر الجيش المعسكر بمر الظهران وقد ظنه بعضهم "خزاعة" مما يدل على نجاح المسلمين في كتمان خبر تقدمهم إلى مكة، فلما أخبرهم العباس بأنه جيش المسلمين، سألوه عن رأيه، فطلب من أبي سفيان أن يمضي معه وبجواره إلى معسكر المسلمين، فوافق، وقابل الاثنان الرسول صلى الله عليه وسلم، فدعا أبا سفيان للإسلام فتلطف في الكلام وتردد في الإسلام فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم العباس بأن يأخذه إلى خيمته ويحضره في صباح اليوم التالي، ففعل وأسلم أبو سفيان في اليوم التالي، وأطلعه العباس على قوة المسلمين حيث استعرض الجيش أمامه، فأدرك أبو سفيان قوة المسلمين وأنه لا قبل لقريش بهم، حتى إذا مرت به كتيبة المهاجرين والأنصار وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما، فقال العباس: ويحك يا أبا سفيان، إنها النبوة، قال: فنعم إذاً.
ومضى أبو سفيان إلى مكة فأخبر قريشا بقوة المسلمين ونهاهم عن المقاومة (١).
وكان سعد بن عبادة يحمل راية الأنصار عند استعراض الجيش فقال لما مر بأبي سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، فاشتكى أبو سفيان للرسول صلى الله عليه وسلم من قولة سعد فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم
(١) ابن حجر: المطالب العالية ٤/ ٢٤٤ من رواية إسحق بن راهويه، وقال ابن حجر: هذا حديث صحيح، والطحاوي: شرح معاني الأثار ٣/ ٣٢٢ وقال: هذا حديث متصل الإسناد صحيح وقد صرح ابن إسحق فيه بالتحديث. وهي توافق ما في صحيح البخاري ٥/ ١٨٦ وإن كان فيها تفصيل أكبر.