للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انفرد الواقدي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رسلا إلى القبائل يستنفرها للخروج إلى تبوك (١). ورغم تفرده فإنه يتفق مع النفير العام المعلن ولا شك أن قبائل العرب استنفرت للقتال كما تدل على ذلك سورة التوبة.

أما داخل المدينة فقد أعلن النفير، وذكر ذلك القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} (٢). فقد ذكر مجاهد أنها نزلت في غزوة تبوك حيث أمروا بالنفير حين جني التمر وطيب الثمار واشتهاء الظلال. فشق عليهم المخرج (٣). وقد طالبهم القرآن الكريم كما يبين مجاهد بأن ينفروا شباناً وشيوخاً وأغنياء وفقراء بقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٤). ولما استأذن بعضهم في التخلف عن الغزوة نزل فيهم قرآن {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} إذا كانت تبوك بعيدة عن المدينة والسفر إليها شاقاً، ولم تكن غنيمة سهلة (٥).

فتخلف الأعراب والمنافقون وعدد يسير من الصحابة رضوان الله عليهم من أصحاب الأعذار سوى ثلاثة لم يكن لهم عذر عن شهود هذه الغزوة.


(١) مغازي ٣/ ٩٩٠ وقد اعتمد عليه من ذكر ذلك بعده، ولا يحتج بالواقدي إذا انفرد، ولكن لابد أن يتم استنفار للقبائل خارج المدينة كما استنفر الصحابة بالمدينة.
(٢) سورة التوبة: الآية (٢٨).
(٣) تفسير الطبري ١٠/ ١٣٣، ورجال إسناده إلى مجاهد ثقات لكنه مرسل، وفيه عنعنة عبد الله ابن أبي نجيح المكي وهو مدلس.
(٤) سورة التوبة: الآية (٤١). والإسناد إلى مجاهد صحيح لكنه مرسل (تفسير الطبري ١٠/ ١٣٨).
(٥) تفسير الطبري ١٠/ ١٤١، بإسناد حسن إلى قتادة لكنه مرسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>