للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقضه - أربعة أشهر متتابعة تبتدئ في العاشر من ذي الحجة وتنتهي في نهاية العاشر من ربيع الآخر وأمهل من لا عهد له من المشركين إلى انسلاخ الأشهر الحرم أي خمسين يوما تنتهي بنهاية المحرم، فإذا انتهت مددهم صاروا في حالة حرب مع المسلمين (١). {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (٢) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٢).

لقد مضت على دعوة الإسلام اثنتان وعشرون سنة، بذل المسلمون خلالها كل جهد وسلكوا كل طريق مشروع لتبليغ الدعوة، ومع ذلك أصر بعض المشركين على عبادة الأصنام، والطواف بالبيت العتيق وفق طقوس الجاهلية، وقد آن الأوان لمفاصلتهم ووضع حد لعنادهم وتجاهلهم لدعوة الحق.

ولم يقتصر الأمر على ذلك بل ساندته حملة للتوعية والدعوة إلى الإسلام وتنظيم المناطق النائية التي انضمت للدولة الإسلامية فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل قبل حجة الوداع كلا منهما على أحد مخلافيها وأوصاهما بقوله: (يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) (٣).

وقال لمعاذ: (إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على


(١) تفسير الطبري ١٠/ ٦٦، ٧٤ وهي من ترجيحات الطبري، رحمه الله. وذهب ابن كثير إلى أن الصحيح أن من كان له عهد فأجله إلى أمده بالغا ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهر، ومن ليس له أمد بالكلية فله تأجيل أربعة أشهر، والقسم الثالث من له أمد ينتهي إلى اقل من أربعة أشهر من يوم التأجيل وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول فيكون أجله إلى مدته وإن قل، ويحتمل أن يقال أنه يؤجل إلى أربعة أشهر لأنه أولى ممن ليس له عهد بالكلية والله أعلم
(البداية والنهاية ٥/ ٣٨).
(٢) سورة التوبة: آية ١ - ٢.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>