للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لا نستطيع أن نصل إليه بالوسائل العلمية المادية وحدها، ولكننا نرى آيته في أنفسنا، وفي كل ذرة من ذرات هذا الوجود، وليست العلوم إلا دراسة خلق الله وآثار قدرته" (١).

ويقول بول كلارنس: "إن الأمر الذي نستطيع أن نثق به كل الثقة هو أن الإنسان وهذا الوجود من حوله لم ينشأ هكذا نشأة ذاتية من العدم المطلق، بل أن لهما بداية، ولابد لكل بداية من مبديء، كما أننا نعرف أن هذا النظام الرائع المعتمد الذي يسود هذا الكون يخضع لقوانين لم يخلقها الإنسان، وأن معجزة الحياة في حد ذاتها لها بداية، كما أن وراءها توجيهاً وتدبيراً خارج دائرة الإنسان. إنها بداية مقدسة وتوجيه مقدس وتدبير إلهي محكم" (٢).

ويقول جورج أيول: "إن كل ذرة من ذرات هذا الكون تشهد بوجود الله، وإنها تدل على وجوده حتى دون حاجة إلى الاستدلال بأن الأشياء المادية تعجز عن خلق نفسها" (٣).

فهذه أقوال علماء الطبيعة الكبار في القرن العشرين تشهد بما قاله الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه من أن وجود المخلوق يدل على وجود الخالق، وأن سبب الكفر يرجع إلى انعدام اليقين عند الكافرين لأن الله تعالى لم يكتب لهم الإيمان {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ}. قال الخطابي: "فذكر العلة التي عاقتهم عن الإيمان، وهي عدم اليقين الذي هو موهبة من الله عز وجل ولا ينال إلا بتوفيقه، ولهذا كان انزعاج جبير ابن مطعم حتى قال: كاد قلبي أن يطير والله أعلم" (٤).


(١) الله يتجلى في عصر العلم ٢٦.
(٢) الله يتجلى في عصر العلم ٤٤.
(٣) المصدر السابق ٤٧.
(٤) الخطابي: أعلام الحديث ١٠٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>