للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقي الكلب فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر" (١).

وهذا غيض من فيض، وكله يشهد لهذا النبي الكريم بأنه "رحمة مهداة" وأنه غرس معاني الرحمة في أصحابه، وأوصاهم بها وملأ تعاليمه بذكرها، وشمل بها كل ذي روح من إنسان وحيوان، وسبق بذلك كل لوائح حقوق الإنسان الحديثة، وكل جمعيات البر والرفق بالحيوان مما يحسبه الناس من خصائص الحضارة الغربية وعطائها.

فلا عجب أن كانت بعثته رحمة للعالمين، وأن يعبر عن جوهر رسالته بقوله عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة" (٢).

وسوف تظل تعاليمه تمسح جراحات المعذبين وتلمس حنايا المستضعفين وتلين قلوب المتجبرين وتملأ الحياة بالحب والدفء والرحمة


(١) متفق عليه (صحيح البخاري ٣/ ٧٧) وصحيح مسلم ٤/ ١٧٦١ حديث رقم ٢٢٤٤ واللفظ له.
(٢) الحاكم: المستدرك ١/ ٣٥ وصححه وأقره الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>