للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأنساب، فضلاً عن أن التحريم لا يكون إلاّ بوحي إلهي ولا يستطيع البشر ولو اجتمعوا أن يقرروا حرمة شيء أو حله.

ولكن كيف تبطل هذه العادة فيقلع الناس عن التبني وينتهون عن التحريم والتحليل من دون وحي إلهي؟

لقد اتجه الوحي الإلهي إلى التعامل مع الواقع القائم بصورة عملية كفيلة بالتغيير مباشرة، دون الاكتفاء بالاعلان النظري، وهذا التغيير الواقعي أقوى أثراً وأسرع في إحداث التغيير، فإقرار العدل يحتاج إلى سرعة التغيير، واجتثاث الانحراف والظلم، فكانت قصة زواج زينب بنت جحش من زيد وقصة انفصالهما تحكي تدخل الوحي في أولها وآخرها لإحداث التغيير السريع في الواقع القائم ... وهكذا كان.

نزلت زينب على قضاء الله ورسوله، فتزوجت زيد بن حارثة، ولم يتم التوافق بين الزوجين، وكلما اشتكى زيد زوجه للرسول صلى الله عليه وسلم قال له: أمسك عليك زوجك مع علمه صلى الله عليه وسلم بقضاء الله تعالى، وتقديره زواجه من ابنة عمته زينب بعد طلاق زيد لها ... وعلمه هذا كان يخفيه في نفسه، فمواجهة الأعراف المستقرة في قضية خطيرة كانت أمراً ثقيلاً، إذ كيف يتزوج زوجة ابنه - في عرف نظام التبني الجاهلي - ماذا تقول العرب وماذا يقول ضعاف الإيمان من المسلمين؟

لم تكن زينب بعيدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, بل كانت تحت عينه وفي رعايته، فلو كانت له رغبة في الزواج منها لما زوجها زيد بن حارثة ولكن ما كان له بد من تنفيذ قضاء الله.

لم يطق زيد العيش مع زوج لا تألفه فكان أن طلقها، فلما انقضت عدتها أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم زيداً نفسه يخطبها له، ففعل زيد ذلك وبذلك تبين أنه ما كان راغباً في استمرار زواجه بها، وكان راضياً عن زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ هو الذي قام بالخِطبة، وقد ذهب زيد إلى زينب خاطباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما رآها

<<  <  ج: ص:  >  >>