للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوافر النية الخالصة لازم للهجرة الصحيحة كما هو شرط في كل الأعمال الصالحة، قال عليه الصلاة والسلام: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" (١).

ومن أجل ذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بامتحان النساء المهاجرات بعد صلح الحديبية، فمن تبين أنها هاجرت بسبب العقيدة فإنها لا تعاد إلى أهلها قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} (٢).

وكانت البيعة التي يبايع بها المؤمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتمل على الهجرة، حتى كان فتح مكة فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبايع أحدا على الهجرة لأنها انقطعت.

قال مجاشع: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأخي بعد الفتح، فقلت يا رسول الله جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة. قال: ذهب أهل الهجرة بما فيها. فقلت: على أي شيء تبايعه؟ قال: أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد" (٣).

وعن مجاهد قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: "إني أريد أن أهاجر إلى الشام قال: لا هجرة ولكن جهاد، فانطلق فأعرض نفسك فإن وجدت شيئا وإلا رجعت" (٤).

وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مهاجرة الحبشة الذين تركوا مكة في ظروف الاضطهاد بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فهاجروا إلى الحبشة ثم هاجروا منها حين افتتح خيبر إلى المدينة المنورة بين أن لهم هجرتين، الهجرة إلى المدينة والهجرة إلى الحبشة، فقال صلى الله عليه وسلم: "لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان" (٥).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٢.
(٢) الممتحنة: ١٠.
(٣) رواه البخاري في صحيحه ٥/ ٩٧ (ط. استانبول).
(٤) رواه البخاري في صحيحه ٥/ ٩٧.
(٥) رواه البخاري في صحيحه ٤/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>