للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألبيرة وعاصمتها غرناطة في ربيع الأول سنة (٦٩٧ هـ) بعد حصار طويل، وبعد أن شرط الملك فردينادو الجاثليقي (لوكاتوليك) ملك أرغون وشركته في الفتح زوجه إيزابيلا الجاثليقية (لاكاتوليك) ملكة قشتالة، وأبعد سلطان المسلمين أبو عبد الله محمد بن علي آخر بني نصر إلى بلاد المغرب الأقصى، وأصبح المسلمون مسلوبي الملك وانحازوا إلى سكنى ربض البيازين من مدينة غرناطة، وسكنى القرى من بادية غرناطة وحوزها المسماة بالبشرات، وكان في عداد الشروط التي اقتطعها المسلمون على الجلالقة تأمين المسلمين على دينهم وتمكينهم من البقاء في أوطانهم، ثم لم تلبث الجلالقة إلا قليلاً من السنين حتى نكثوا العهود، وتظاهروا بالجحود، وتطرقوا إلى فتنة المسلمين في إيمانهم، وإكراههم على اعتناق دين النصرانية بعد أن وثقوا بأنهم عزل من كل وسيلة للدفاع، وأعيياء من كل حيلة يتخلصون بها من تلك البقاع.

قال في أزهار الرياض: «وفي سنة (٩٠٤ هـ) أربع وتسعمائة انقطعت كلمة التوحيد من بلاد الأندلس أ. هـ. وأنا أبين لك إجماله وأن أول ما ابتدأ به الجلالقة أن صدر أمر الملك فردينادو والملكة إيزابيلا بإحصاء العائلات الذين تحقق أن أسلافهم كانوا نصارى وأسلموا في مدة ملك الإسلام بتلك الديار، فأكرهوهم على الرجوع إلى النصرانية، ثم ارتقى القسيسون في هذا الأمر فصاروا يدعون على من شاؤوا أن جدودهم كانوا نصارى فيكرهون من يدعون عليهم بذلك على أن ينتصروا، فلما شعر المسلمون بالخطر على دينهم ثاروا ثورة واحدة وقتلوا حكامهم النصارى، فصدر الأمر بقتل الثائرين إلا الذين ينتصرون منهم فإن تنصرهم يمنعهم من القتل، فتنصر معظم المسلمين من سكان غرناطة وباديتها عدا بعض القرى مثل: بليفق وأندرش وجبل بلنقة، وامتنعوا من الإلقاء بأيديهم، فانتشر القتال بينهم وبين الجلالقة، وكان الغلب للجلالقة لا محالة فاستأصلوا سكان تلك القرى عدا أهل جبل بلنقة؛ فإنهم لمناعة جبلهم أفنوا جيش العدو المحيط بهم، ثم انعقد بينهم صلح على تمكين المسلمين من الخروج بأموالهم وأهليهم إلى المغرب الأقصى، ظنًا منهم أن المسلمين لا يهجرون أوطانهم، فلما رأوا منهم العزم على الهجرة منعوهم، ومن خرج إلى المراسي بنية الهجرة أرجعوهم، قال السيد محمد بن عبد الرفيع المرسي الأندلسي أحد مهاجري الأندلس إلى تونس في خاتمه كتابه المسمى «بالأنوار

<<  <   >  >>