للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يتخذونها والمعاملات الإسلامية مع شدة امتناعهم والقيام على العدو مرارًا، وعدو الذين يحرق بالنار من لاحت عليه أمارات الإسلام ويعذبه بأنواع العذاب، فكم أحرقوا وكم عذبوا وكم نفوا من بلادهم» أ. هـ.

ووصف السيد محمد بن عبد الرفيع بعض أحوال المسلمين في خاصتهم، فقال: «قد أطلعني الله تعالى على دين الإسلام بواسطة والذي رحمة الله عليه، وأنا ابن ستة أعوام أو أقل مع أني كنت إذ ذاك أروح إلى مكتب النصارى لأقرأ دينهم، ثم أرجع إلى بيتي فيعلمني والدي دين الإسلام، فأخذ والدي لوحًا من لوح الجوز كأني أنظر الآن إليه مملسًا من غير طفل ولا غيره، فكتب لي فيه حروف الهجاء ويسألني حرفًا حرفًا عن حروف النصارى تدريبًا وتقريبًا، فإذا سميت له حرفًا أعجميًا يكتب لي حرفًا عربيًا، فيقول لي حينئذٍ هكذا حروفنا، حتى استوفى لي جميع حروف الهجاء في كرتين، فلما فرغ من الكرة الأولى أوصاني أن أكتم ذلك حتى عن والدتي وعمي وأخي وجميع قرابتنا وألا أخبر أحدًا من الخلق، ثم شدد علي الوصية وصار يرسل والدتي إلي فتسألني، وتقول: ما الذي يعلمك والدك، فأقول لها: لا شيء، فتقول: أخبرني بذلك ولا تخف لأني عندي الخبر بما يعلمك، فأقول لها: أبدًا ما يعلمني شيئًا، وكذلك كان يفعل عمي وأنا أنكر أشد الإنكار، ثم أروح إلى مكتب النصارى وآتي الدار فيعلمني، إلى أن مضت مدة، فأرسل إلي من إخوانه في الله الأصدقاء ويسألونني فلم أقر لأحد قط بشيء مع أنه رحمه الله قد ألقى نفسه للهلاك لإمكان أن أخبر بذلك عنه فيحرق لا محالة، لكن أيدنا الله سبحانه وتعالى بتأييده وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته بين أظهر أعداء الدين، وقد كان والدي رحمه الله تعالى يلقنني حينئذٍ ما كنت أقول عند رويتي للأصنام ... إلخ، فلما تحقق والدي رحمه الله تعالى أني أكتم أمور دين الإسلام عن الأقارب فضلاً عن الأجانب أمرني أن أتكلم بإفشائه لوالدتي وعمي وبعض أصحابه الأصدقاء فقط، وكانوا يأتون إلى بيتنا فيتحدثون في أمر الدين وأنا أسمع، فلما رأى حزمي مع صغر سني فرح كثيرًا غاية وعرّفني بأصدقائه وأحبائه وإخوانه في دين الإسلام، فاجتمعت بهم واحدًا واحدًا وسافرت الأسفار لاجتمع بالمسلمين الأخيار من جيان إلى غرناطة وإشبيلية وطليطلة وغيرها من مدن الجزيرة الخضراء، أعادها الله تعالى للإسلام، فتخلص لي من معرفتهم أني ميزت سبعة رجال منهم كانوا كلهم يحدثون بأمور غرناطة وما كان بها في الإسلام حينئذٍ، فسندي عال لكوني ما ثم إلا واسطة واحدة بيني وبين أيام

<<  <   >  >>