الإسلام بها» أ. هـ وما قاله السيد محمد بن عبد الرفيع من التعذيب والقتل والتحريق هو إشارة إلى ما تقوم به محاكم التفتيش الدينية النصرانية التي أسستها الكنيسة الرومية في أهم البلاد المسيحية من أواسط القرن الثالث عشر المذكورة في التاريخ، ففي سنة (٩٤٦ هـ) أصدر الملك فليبو الثاني أمرًا بأن الموريسكيين لا يتكلمون باللغة العربية فيما بينهم، ولا يسمون أولادهم بأسماء المسلمين، وأن يرسلوا أولادهم ممن بلغ ثلاث سنين إلى من عمره خمس عشرة سنة إلى المدارس النصرانية، وفيما قبل هذه المدة كانت حاجة الجلالقة إلى الاستعانة بمعارف المسلمين في العلوم والصنائع قد سمحت للمسلمين بالانتشار في كثير من البلاد الواقعة في حكم الجلالقة، فكان كثير منهم في جيان وبلنسية وإشبيلية ومرسية زيادة على معظم المسلمين الذين كانوا في غرناطة وألبيرة ومالقة وأحوازهن، وقد خرجت جماعات منهم إلى فرنسا لأسباب لم أطلع عليها، فاشترط عليهم هنالك أن لا يفارقوا النصرانية فبقوا هنالك مترددين فيما يصنعون، وكانت فرنسا في تلك المدة قد اصطلحت مع إسبانيا بسبب الاتحاد الكبير بين ممالك أوربا الذي أسسه ملك فرنسا هنري الرابع سنة (١٦٠٣ م).
ولما لم يبق الجلالقة أملاً للتسامح مع الموريسكو في إقامة عوائدهم الإسلامية وأقاموا عليهم العيون في تتبع أعمالهم في خويصتهم ضاق الأمر بالموريسكو فثاروا ثورة كبرى في كورة ألبيرة وجبالها، ودام بينهم وبين الجلالقة قتال مدة أربع سنين إلى أن كانت الهزيمة على الموريسكو سنة (٩٦١ هـ) فأخلدوا إلى الطاعة، ولولا حروب انتشبت عقب ذلك بين الجلالقة وبين الإنجليز أخذ فيها المسلمون نفسًا من العيش، لما استطاعوا الدوام على تلك الحال إلى أوائل القرن الآتي، وقد يسر الله للمسلمين بقاءهم على إيمانهم، وإقامة شعائر دينهم، ودوام التآمر بينهم على ذلك مع انتشارهم وشدة المراقبة عليهم فلم يضمحل الإسلام منهم بحسب الإمكان حتى استطاعوا السعي للخلاص حين سنحت لهم الفرصة.
وتوفي الملك فيليبو الثاني وخلفه ابنه فيليبو الثالث، وكان يميل إلى التسامح مع الموريسكو، فظلوا في سكون وجثوم مدة سنين إلى أن أتيح لنفر منهم أن ارتحلوا عن الأندلس سنة (١٠١٣ م) قاصدين بلغراد من مدن السلطنة التركية، وهنالك لقوا الوزير مراد بكلربيك باشا الملقب قيوجي، وكان هو الصدر الأعظم للخليفة السلطان أحمد خان الأول فأخبروه بما حل بالمسلمين من الشدة والتضييق عليهم في