للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}: أن ذَلِكَ المستثنى هُوَ الْوَجْهُ وَالكفان, فَقَدْ وَافَقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا التَّأويلَ (١). وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلى هَذَا التَّأويلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ. كَمَا حَدَّثَنَا سليمان بْنُ شُعَيْبٍ بِذَلِكَ, عَنْ أبيهِ, عَنْ مُحَمَّدٍ. وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أبي حَنِيفَةَ (٢) , وَأبي يُوسُفَ, وَمُحَمَّدٍ, رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) انتهى الطحاوي.

قوله: (النَّظَرُ لِلْخِطْبَةِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ, فَذَلِكَ نَظَرٌ بِسَبَبٍ هُوَ حَلَالٌ) أرأيت الطحاوي كيف علل النظر بشرط سبب مباح، وهو النكاح ولم يقل أن الأصل جواز أن تكشف المرأة عن وجهها لأن الوجه عندنا ليس بعورة، ولدليل الخثعمية وسفعاء الخدين وغير ذلك مما يقوله أهل السفور اليوم، لتعرف أن عبارة ليسا بعورة لا تعني عندهم جواز كشفهما على كل حال وبدون سبب مبيح، وتأمل كيف ناقش المحرمين لنظر الخاطب لمن أراد تزوجها، وهذا في زمنهم ثم يقال أن أبا حنيفة كان قبلهم يقول بجواز أن تخرج المرأة كاشفة عن وجهها للعموم الناس، هل تصدق مثل هذا الكلام ثم لا يوجد من أولئك أحد يرد عليه؟ وهم في الخاطب عقدوا له كل هذه المناظرة والمناقشة لبيان أنه إنما


(١) يقصد ما ذكره من أحاديث الباب في جواز نظر الخاطب، وأنظر كيف أنه وبعد كلامه السابق استشهد بالآية الكريمه في جواز تحديد النظر للوجه والكفين عند وجود السبب المبيح وليس على كل حال.
(٢) وهذا ما يبين لك قول الإمام أبي حنيفة النعمان.

<<  <   >  >>