عَلَيْهَا دُونَ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا كَمَا يَرَاهَا إذا لَمْ تَكُنْ لابِسَتَهَا) انتهى كلام الإمام الجصاص.
قوله:(فَإذ قَدْ أباح النَّظَرَ إلى زِينَةِ الْوَجْهِ وَالْكَفِّ)(جَازَ لِلاجنبي)(لا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلى الْوَجْهِ لِشَهْوَةٍ)(فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ إلى وَجْهِهَا وَكَفِّهَا بِشَهْوَةٍ إذا أراد أن يَتَزَوَّجَهَا)(وَيَدُلُّ عَلَى أن النَّظَرَ إلى وَجْهِهَا بِشَهْوَةٍ مَحْظُورٌ) وعباراته في كلامه كلها تدل على أن الأصل ستر الوجه والكفين، وإلا ما الفائدة بقوله أباح وعدم الجواز ومَحْظُور والوجه مكشوف أصلا، فالآية دلت على الرخصة في الإباحة والجواز وتقيده (إذا أراد أن يَتَزَوَّجَهَا) وانظر صيغة المفرد (للأجنبي) ولم يأت بأدلة السفور اليوم لأنه لا يدري ما سفور؟ وإنما هو يتكلم في آية الرخصة المجمع عليها كما سيأتي معنا بمشيئة الله تعالى، ثم أراد تحديد ما يظهر منها للأجنبي الذي جاز نظره لها وهو (الوجه والكفان) غالبا، فاستدل بالقياس على ذلك القدر الذي يظهر للخاطب وللأجنبي بما يظهر من المرأة في صلاتها، ولأنه ليس بعورة عندهم فجاز بسبب تعامل أو تعاقد أو شهادة، أن ينظر لهذا القدر فقط، وبشرط بغير شهوة، أما لو اشتهى وأمكن نظر غيره لم يجوزوا نظره بشهوة، إلا لعذر أقوى.
لأنه لو ترك النظر في مثل بعض تلك الأحوال كونه يَشتهى لتعطلت مصالح وأحوال، فمثل الراغب للزواج كيف سيقبل بالمخطوبة إن لم يشتهيها ويعجب بها، وكذلك القاضي أو الشاهد لو تركوا النظر بتلك الحجج التي لا يسلم منها أحد لتعطلت مصالح وأحوال وحقوق، ولهذا فرقوا بين الشاهد يشهد تحملا للشهادة أي ابتداء أو يشهد أداء لما سبق